في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَجَعَلۡنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡكِتَٰبَ وَءَاتَيۡنَٰهُ أَجۡرَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (27)

14

وعوض الله إبراهيم عن وطنه وعن قومه وعن أهله - عوضه عن هذا كله ذرية تمضي فيها رسالة الله إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها . فكل الأنبياء وكل الدعوات بعده كانت في ذريته . وهو عوض ضخم في الدنيا وفي الآخرة :

( ووهبنا له إسحاق ويعقوب . وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب . وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين ) .

وهو فيض من العطاء جزيل ، يتجلى فيه رضوان الله سبحانه على الرجل الذي يتمثل فيه الخلوص لله بكليته ، والذي أجمع الطغيان على حرقه بالنار ، فكان كل شيء من حوله بردا وسلاما ، وعطفا وإنعاما . جزاء وفاقا .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَوَهَبۡنَا لَهُۥٓ إِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَجَعَلۡنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ ٱلنُّبُوَّةَ وَٱلۡكِتَٰبَ وَءَاتَيۡنَٰهُ أَجۡرَهُۥ فِي ٱلدُّنۡيَاۖ وَإِنَّهُۥ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ لَمِنَ ٱلصَّـٰلِحِينَ} (27)

قوله تعالى : " ووهبنا له إسحاق " أي منّ الله عليه بالأولاد فوهب له إسحاق ولدا ويعقوب ولد ولد ، وإنما وهب له إسحاق من بعد إسماعيل ويعقوب من إسحاق " وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب " فلم يبعث الله نبيا بعد إبراهيم إلا من صلبه ووحد الكتاب لأنه أراد المصدر كالنبوة ، والمراد التوراة والإنجيل والفرقان فهو عبارة عن الجمع فالتوارة أنزلت على موسى من ولد إبراهيم والإنجيل على عيسى من ولده ، والفرقان على محمد من ولده صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين . " وآتيناه أجره في الدنيا " يعني اجتماع أهل الملل عليه . قاله عكرمة . وروى سفيان عن حميد بن قيس قال : أمر سعيد بن جبير إنسانا أن يسأل عكرمة عن قوله جل ثناؤه : " وآتيتاه أجره في الدنيا " فقال عكرمة : أهل الملل كلها تدعيه وتقول هو منا . فقال سعيد بن جبير : صدق . وقال قتادة : هو مثل قوله : " وآتيناه في الدنيا حسنة " [ النحل : 122 ] أي عاقبة وعملا صالحا وثناء حسنا ، وذلك أن أهل كل دين يتولونه وقيل : " آتيناه أجره في الدنيا " أن أكثر الأنبياء من ولده " وإنه في الآخرة لمن الصالحين " ليس " في الآخرة " داخلا في الصلة ، وإنما هو تبيين وقد مضى في " البقرة " {[12403]} بيانه وكل هذا حث على الاقتداء بإبراهيم في الصبر على الدين الحق .


[12403]:راجع ج 2 ص 133 طبعة ثانية.