في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِبۡرَٰهِيمَ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُۖ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (16)

14

وبعد قصة نوح يطوي السياق القرون حتى يصل إلى الرسالة الكبرى . رسالة إبراهيم :

وإبراهيم إذ قال لقومه : اعبدوا الله واتقوه . ذلكم خير لكم إن كنت تعلمون . إنما تعبدون من دون الله أوثانا ، وتخلقون إفكا . إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه ، واشكروا له ، إليه ترجعون . وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم ، وما على الرسول إلا البلاغ المبين . .

لقد دعاهم دعوة بسيطة واضحة لا تعقيد فيها ولا غموض ؛ وهي مرتبة في عرضها ترتيبا دقيقا يحسن أن يتملاه أصحاب الدعوات . .

لقد بدأ ببيان حقيقة الدعوة التي يدعوهم إليها :

( اعبدوا الله واتقوه ) . .

ثم ثنى بتحبيب هذه الحقيقة إليهم ، وما تتضمنه من الخير لهم ، لو كانوا يعلمون أين يكون الخير :

( ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون ) . .

وفي هذا التعقيب ما يحفزهم إلى نفي الجهل عنهم ، واختيار الخير لأنفسهم . وهو في الوقت ذاته حقيقة عميقة لا مجرد تهييج خطابي !

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَإِبۡرَٰهِيمَ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُۖ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (16)

{ 16-22 } { وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }

يذكر تعالى أنه أرسل خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام إلى قومه ، يدعوهم إلى الله ، فقال [ لهم ] : { اعْبُدُوا اللَّهَ } أي : وحِّدوه ، وأخلصوا له العبادة ، وامتثلوا ما أمركم به ، { وَاتَّقُوهُ } أن يغضب عليكم ، فيعذبكم ، وذلك بترك ما يغضبه من المعاصي ، { ذَلِكُمْ } أي : عبادة الله وتقواه { خَيْرٌ لَكُمْ } من ترك ذلك ، وهذا من باب إطلاق { أفعل التفضيل } بما ليس في الطرف الآخر منه شيء ، فإن ترك عبادة الله ، وترك تقواه ، لا خير فيه بوجه ، وإنما كانت عبادة الله وتقواه خيرا للناس ، لأنه لا سبيل إلى نيل كرامته في الدنيا والآخرة إلا بذلك ، وكل خير يوجد في الدنيا والآخرة ، فإنه من آثار عبادة الله وتقواه .

{ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } ذلك ، فاعلموا الأمور وانظروا ما هو أولى بالإيثار ،

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَإِبۡرَٰهِيمَ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُۖ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (16)

قوله تعالى : { وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ( 16 ) إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ( 17 ) وَإِن تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِّن قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ ( 18 ) أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ }

إبراهيم : منصوب من ثلاثة أوجه . الأول : أن يكون معطوفا على نوح في قوله : { أرسلنا نوحا } والتقدير : وأرسلنا إبراهيم .

الثاني : أن يكون منصوبا بالعطف على الهاء في أنجيناه .

الثالث : أن يكون منصوبا بتقدير فعل ، وتقديره : واذكر إبراهيم{[3549]} وذلك تذكير بنبي كريم ورسول مفضال عظيم ، إمام الحنفاء والصديقين والميامين . وذلكم هو خليل الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، حين دعا قومه إلى الوحدانية وإفراد الله وحده بالعبادة ، ونبذ الأصنام الجامدة الخرساء التي لا تنطق ولا تسمع ، ولا تضر ولا تنفع . وهو قوله : { اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ } أفردوا الله وحده بالعبادة والتوحيد ؛ فإنه المعبود الحق دون سواه . وما غيره إلا المخاليق أو أمم أمثالكم { وَاتَّقُوهُ } أي خافوه واتقوا عذابه بطاعته واجتناب معاصيه .

قوله : { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } عبادة الله وحده لا شريك له خير لكم من عبادة الأوثان على اختلاف أشكالها ومسمياتها ؛ فإنها فارغة وموهومة وجوفاء لا تجدي ولا تنفع ، إن منتم تعلمون الخير من الشر ، أو النافع من الضار .


[3549]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 242.