نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي  
{وَإِبۡرَٰهِيمَ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُۖ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (16)

ولما كان بلاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام عظيماً في قذفه في النار وإخراجه من بلاده ، أتبعه به فقال : { وإبراهيم } أي ولقد أرسلنا إبراهيم ، ويجوز أن يكون التقدير : واذكر إبراهيم أباك الأعظم لتتأسى به وتتسلى ويتعظ قومك بقصته ، لكن قوله { وإلى مدين } يرجح الأول ، ودل على مبادرته للامتثال بقوله : { إذ } أي حين ، وهو بدل اشتمال على التقدير الثاني لاشتمال الأحيان على ما قبلها { قال لقومه } الذين هو منهم : { اعبدوا الله } أي الملك الأعظم بما يأمركم به من طاعته { واتقوه } أي خافوه في أن تشركوا به شيئاً فإنه يعذبكم { ذلكم } أي الأمر العظيم الذي هو إخلاصكم في عبادتكم له وتقواكم { خير لكم } أي من كل شيء { إن كنتم } أي بما لكم من الغرائز الصالحة { تعلمون* } أي إن كنتم في عداد من يتجدد له علم فأنتم تقولون : إنه خير ، أي تعتقدون ذلك فتعملون به ، وإن لم تعملوا ذلك فأنتم في عداد الحيوانات العجم ، بل أضل ، فإنها تهتدي لما ينفعها فتقبل عليه ، وتسعى بجهدها إليه .