فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَإِبۡرَٰهِيمَ إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱتَّقُوهُۖ ذَٰلِكُمۡ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ} (16)

{ وإبراهيم } انتصابه بالعطف على ( نوحا ) وقال الكسائي : وهو معطوف على الهاء في ( جعلناها ) وقيل : منصوب بمقدر ، أي واذكر ، وقرأ إبراهيم : النخعي ، وأبو حنيفة رضي الله تعالى عنهما ( وإبراهيم ) بالرفع على معنى ومن المرسلين إبراهيم .

{ إذ قال } منصوب على الظرفية ، أي وأرسلنا إبراهيم وقت قوله أو وجعلنا إبراهيم آية وقت قوله ، أو اذكر إبراهيم وقت قوله { لقومه اعبدوا الله } أي أطيعوه وأفردوه بالعبادة وخصوه بها ووحدوه ، وفيه إشارة إلى إثبات الإله { واتقوه } أن تشركوا به شيئا وفيه إشارة إلى نفي الغير لأن من يشرك مع الملك غيره في ملكه فقد أتي بأعظم الجرائم ، وقيل : اعبدوا الله إشارة إلى الإتيان بالواجبات ، وقوله : اتقوه إشارة إلى الامتناع من المحرمات ، ثم يدخل في الأول الاعتراف بالله ، وفي الثاني الامتناع من الشرك .

{ ذلكم } أي عبادة الله وتقواه { خير لكم } من الشرك ولا خير في الشرك أبدا ، ولكنه خاطبهم باعتبار اعتقادهم ، وقيل : خير من كل شيء لأن حذف المفضل عليه يقتضي العموم مع عدم احتياجه إلى التأويل ، إذ المراد بكل شيء كل شيء فيه خيرية ، ويجوز كونه صفة لا اسم تفضيل { إن كنتم تعلمون } شيئا من العلم أو تعلمون علما تميزون به بين ما هو خير وما هو شر وأن من المرسلين إبراهيم ثم ذكر إبراهيم بطلان مذهبهم بأبلغ وجه بقوله :