في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ ٱلۡقَيِّمِ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا مَرَدَّ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۖ يَوۡمَئِذٖ يَصَّدَّعُونَ} (43)

33

وعند هذا المقطع يشير إلى الطريق الآخر الذي لا يضل سالكوه ، وإلى الأفق الآخر الذي لا يخيب قاصدوه . .

( فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله . يومئذ يصدعون . من كفر فعليه كفره ؛ ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون . ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله . إنه لا يحب الكافرين ) .

والصورة التي يعبر بها عن الاتجاه إلى الدين القيم صورة موحية معبرة عن كمال الاتجاه ، وجديته ، واستقامته :

( فأقم وجهك للدين القيم ) . . وفيها الاهتمام والانتباه والتطلع ، واستشراف الوجهة السامية والأفق العالي والاتجاه السديد .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ ٱلۡقَيِّمِ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا مَرَدَّ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۖ يَوۡمَئِذٖ يَصَّدَّعُونَ} (43)

{ 43 - 45 } { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ * مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ * لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ }

أي : أقبل بقلبك وتوجه بوجهك واسع ببدنك لإقامة الدين القيم المستقيم ، فنفذ أوامره ونواهيه بجد واجتهاد وقم بوظائفه الظاهرة والباطنة . وبادر زمانك وحياتك وشبابك ، { مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ } وهو يوم القيامة الذي إذا جاء لا يمكن رده ولا يرجأ العاملون أن يستأنفوا{[654]} العمل بل فرغ من الأعمال لم يبق إلا جزاء العمال . { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } أي : يتفرقون عن ذلك اليوم ويصدرون أشتاتا متفاوتين لِيُرَوْا أعمالهم .


[654]:- في ب: ليستأنفوا.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ ٱلۡقَيِّمِ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا مَرَدَّ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۖ يَوۡمَئِذٖ يَصَّدَّعُونَ} (43)

ولما كانوا مع كثرة مرورهم على ديارهم ، ونظرهم{[53241]} لآثارهم ، وسماعهم لأخبارهم ، لم يتعظوا ، أشير إلى أنهم عدم ، بصرف الخطاب عنهم ، وتوجيهه{[53242]} إلى السامع المطيع ، فقال مسبباً عما مضى من إقامة الأدلة والوعظ والتخويف : { فأقم } أي يا من لا يفهم عنا حق الفهم سواه ، لأنا فضلناه على جميع الخلق { وجهك } أي لا تلفته أصلاً { للدين القيِّم } الذي لا عوج فيه بوجه ، بل هو عدل كله ، من التبرئ من الأوثان إلى التلبس بمقام الإحسان ، فالزمه واجعله بنصب عينك لا تغفل عنه ولا طرفة عين ، لكونه سهلاً فيما تسبب الإعانه عليه في الظاهر بالبيان الذي ليس معه خفاء ، وفي الباطن{[53243]} بالجبل عليه حتى أنه ليقبله الأعمى والأصم والأخرس ، ويصير فيه كالجبل رسوخاً .

ولما كان حفظ الاستقامة عزيزاً ، أعاد التخويف لحفظ أهلها ، فقال ميسراً الأمر{[53244]} بعدم استغراق الزمان بإثبات الجار ، إشارة إلى الرضا باليسير من العمل ولو كان ساعة من نهار ، بشرط الاتصال بالموت : { من قبل } {[53245]}وفك{[53246]} المصدر للتصريح بالاستقبال فقال : { أن يأتي يوم } أي عظيم ، وهو يوم القيامة ، أو الموت ، وأشار إلى تفرده سبحانه في الملك بقوله : { لا مرد له{[53247]} } ولفت الكلام في رواية قنبل{[53248]} من {[53249]}مظهر العظمة إلى أعظم منه لاقتضاء المقام ذلك{[53250]} وأظهر في رواية الباقين لئلا يتوهم عود الضمير إلى الدين فقال{[53251]} : { من الله } وإذا لم يرده هو لوعده بالإتيان{[53252]} به ، وهو ذو الجلال والإكرام ، فمن الذي يرده .

ولما حقق إتيانه{[53253]} ، فصل أمره مرغباً مرهباً ، فقال : { يومئذ } أي إذ يأتي { يصدعون* } أي تتفرق الخلائق

كلهم{[53254]} فرقة قد تخفى على بعضهم - بما أشار إليه الإدغام ، فيقولون : ما لنا لا نرى رجالاً كنا نعدهم من الأشرار .


[53241]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: تطيرهم.
[53242]:من ظ وم ومد، وفي الأصل: توجيههم.
[53243]:زيد من ظ وم ومد.
[53244]:في ظ ومد: للأمر.
[53245]:من م ومد، وفي الأصل وظ: ذلك.
[53246]:من م ومد، وفي الأصل وظ: ذلك.
[53247]:وقع في ظ و مد قبل "من الله" مع تكراره في الأصل هناك.
[53248]:وقد مضى في "ليذيقهم".
[53249]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[53250]:سقط ما بين الرقمين من ظ ومد.
[53251]:زيد من ظ وم ومد.
[53252]:في ظ: بالإثبات.
[53253]:في ظ: إثباته.
[53254]:زيد من ظ وم ومد.