في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

30

( وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون ، وخلقنا لهم من مثله ما يركبون ، وإن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون ، إلا رحمة منا ومتاعاً إلى حين ) . .

إن في السياق مناسبة لطيفة بين النجوم والكواكب السابحة في أفلاكها ، والفلك المشحون السابح في الماء يحمل ذرية بني آدم ! مناسبة في الشكل ، ومناسبة في الحركة ، ومناسبة في تسخير هذا وذلك بأمر الله ، وحفظه بقدرته في السماوات والأرض سواء .

وهذه آية كتلك يراها العباد ولا يتدبرونها . بل هذه أقرب إليهم وأيسر تدبراً لو فتحوا قلوبهم للآيات .

ولعل الفلك المشحون المذكور هنا هو فلك نوح أبي البشر الثاني ؛ الذي حمل فيه ذرية آدم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

{ 41 - 50 } { وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ }

أي : ودليل لهم وبرهان ، على أن اللّه وحده المعبود ، لأنه المنعم بالنعم ، الصارف للنقم ، الذي من جملة نعمه { أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ } قال كثير من المفسرين : المراد بذلك : آباؤهم .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَءَايَةٞ لَّهُمۡ أَنَّا حَمَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُمۡ فِي ٱلۡفُلۡكِ ٱلۡمَشۡحُونِ} (41)

ولما ذكر ما حد له حدوداً في السباحة في وجه الفلك لو تعداها لاختل النظام ، ذكر ما هيأه من الفلك للسباحة على وجه الماء الذي طبق الأرض في زمن نوح عليه السلام حتى كانت كالسماء ، ولو تعدت السفينة ما حد لها سبحانه من المنازل فنفذت إلى بحر الظلمات لفسد الشأن ، وكانوا فيها كأنهم في الأرض ، وبسيرها كأنهم يخترقون الجبال والفيافي والقفار - كل ذلك تذكيراً بأيام الله ، وتنبيهاً على استدرار نعمه ، وتحذيراً من سطواته ونقمه ، ومنّاً عليهم بما يسر لهم من سلوك البحر والتوصل به إلى جليل المنافع فقال : { وآية لهم } أي على قدرتنا التامة وعلمنا الشامل { أنا } أي على ما لنا من العظمة { حملنا } .

ولما كان من قبل نوح عليه السلام من أصول البشر لم يحملوا في الفلك ، عدل عن التعبير بالضمير والآباء إلى قوله : { ذريتهم } أي ذرية البشر التي ذرأناها وذروناها وذررناها حتى ملأنا بها الأرض من ذلك الوقت إلى آخر الدهر ، ولهذا التكثير المفهوم من هذا الاشتقاق البليغ اغتنى ابن كثير وأبو عمرو والكوفيون فقرأوا بالإفراد ، وزادت في الإيضاح قراءة الباقين بالجمع ، بعضهم ظاهراً وبعضهم في ظهر أبيه { في الفلك } عرفه لشهرته بين جميع الناس { المشحون * } أي الموقر المملوء حيواناً وزاداً ، وهو يتقلب في تلك المياه التي لم ير قط مثلها ولا يرى أبداً ، ومع ذلك فسلمه الله .