في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (52)

30

ويمضون سراعاً ، وهم في دهش وذعر يتساءلون : ( من بعثنا من مرقدنا ? ) . ثم تزول عنهم الدهشة قليلاً ، فيدركون ويعرفون : ( هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون ) !

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (52)

وفي تلك الحال ، يحزن المكذبون ، ويظهرون الحسرة والندم ، ويقولون : { يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا } أي : من رقدتنا في القبور ، لأنه ورد في بعض الأحاديث ، أن لأهل القبور رقدة قبيل النفخ في الصور ، فيجابون ، فيقال [ لهم : ] { هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ } أي : هذا الذي وعدكم اللّه به ، ووعدتكم به الرسل ، فظهر صدقهم رَأْيَ عين .

ولا تحسب أن ذكر الرحمن في هذا الموضع ، لمجرد الخبر عن وعده ، وإنما ذلك للإخبار بأنه في ذلك اليوم العظيم ، سيرون من رحمته ما لا يخطر على الظنون ، ولا حسب به الحاسبون ، كقوله : { الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمَنِ } { وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ } ونحو ذلك ، مما يذكر اسمه الرحمن ، في هذا .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{قَالُواْ يَٰوَيۡلَنَا مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜۗ هَٰذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَصَدَقَ ٱلۡمُرۡسَلُونَ} (52)

ولما تشوفت النفس إلى سماع ما يقولون إذا عاينوا ما كانوا ينكرون ، استأنف قوله : { قالوا } أي الذين هم من أهل الويل من عموم الذين قاموا بالنفخة وهم جميع من كان قد مات قبل ذلك . ولما كانوا عالمين بأن جزاء ما أسلفوا كل خزي ، اتبعوه قولهم حاكياً سبحانه عبارتهم إذ ذاك لأنه أنكى لهم : { يا ويلنا } أي ليس بحضرتنا اليوم شيء ينادمنا إلا الويل ، ثم استفهموا جرباً على عادتهم في الغباوة فقالوا مظهرين لضميرهم تخصيصاً للويل بهم لأنهم في معرض الشك : { من بعثنا من مرقدنا } عدوا مكانهم الذين كانوا به - مع ما كانوا فيه من عذاب البرزخ - مرقداً هنيئاً بالنسبة إلى ما انكشف لهم أنهم لا قوة من العذاب الأكبر ، ووحدوه إشارة إلى أنهم على تكاثرهم وتباعدهم كانوا في القيام كنفس واحدة ، ثم تذكروا ما كانوا يحذرونه من أن الله هو يبعثهم للجزاء الذي هو رحمة الملك لأهل مملكته ، فقالوا مجيبين لأنفسهم استئنافاً : { هذا ما } أي الوعد الذي { وعد } أي به ، وحذفوا المفعول تعميماً لأنهم الآن في حيز التصديق { الرحمن } أي العام الرحمة الذي رحمانيته مقتضية ولا بد للبعث لينصف المظلوم من ظالمه ، ويجازي كلاًّ بعمله من غير حيف ، وقد رحمنا بإرسال الرسل إلينا بذلك ، وطال ما أنذرونا حلوله ، وحذرونا صعوبته وطوله . ولما كان التقدير : فصدق الرحمن ، عطف عليه قوله : { وصدق } أي في أمره { المرسلون * } أي الذين أتونا بوعده ووعيده ، فالله الذي تقدم وعده به وأرسل به رسله هو الذي بعثنا تصديقاً لوعده ورسله .