في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَرۡسَلۡنَا رِيحٗا فَرَأَوۡهُ مُصۡفَرّٗا لَّظَلُّواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ يَكۡفُرُونَ} (51)

33

يمضي في تصوير حالهم لو كانت الريح التي رأوها مصفرة بما تحمل من رمل وتراب لا من ماء وسحاب - وهي الريح المهلكة للزرع والضرع - أو التي يصفر منها الزرع فيصير حطاما :

( ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون ) . .

يكفرون سخطا ويأسا ، بدلا من أن يستسلموا لقضاء الله ، ويتوجهوا إليه بالضراعة ليرفع عنهم البلاء . وهي حال من لا يؤمن بقدر الله ، ولا يهتدي ببصيرته إلى حكمة الله في تدبيره ، ولا يرى من وراء الأحداث يد الله التي تنسق هذا الكون كله ؛ وتقدر كل أمر وكل حادث . وفق ذلك التنسيق الشامل للوجود المترابط الأجزاء .

.

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَرۡسَلۡنَا رِيحٗا فَرَأَوۡهُ مُصۡفَرّٗا لَّظَلُّواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ يَكۡفُرُونَ} (51)

{ 51 - 53 } { وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ * فَإِنَّكَ لَا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلَا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ * وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلَالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ }

يخبر تعالى عن حالة الخلق وأنهم مع هذه النعم عليهم بإحياء الأرض بعد موتها ونشر رحمة اللّه تعالى لو أرسلنا على هذا النبات الناشئ عن المطر وعلى زروعهم ريحا مضرة متلفة أو منقصة ، { فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا } قد تداعى إلى التلف { لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ } فينسون النعم الماضية ويبادرون إلى الكفر .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَرۡسَلۡنَا رِيحٗا فَرَأَوۡهُ مُصۡفَرّٗا لَّظَلُّواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ يَكۡفُرُونَ} (51)

قوله تعالى : " ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا " يعني الريح ، والريح يجوز تذكيره . قال محمد بن يزيد : لا يمتنع تذكير كل مؤنث غير حقيقي ، نحو أعجبني الدار وشبهه . وقيل : فرأوا السحاب . وقال ابن عباس : الزرع ، وهو الأثر ، والمعنى : فرأوا الأثر مصفرا ، واصفرار الزرع بعد اخضراره يدل على يبسه ، وكذا السحاب يدل على أنه لا يمطر ، والريح على أنها لا تلقح " لظلوا من بعده يكفرون " أي ليظلن ، وحسن وقوع الماضي في موضع المستقبل لما في الكلام من معنى المجازاة ، والمجازاة لا تكون إلا بالمستقبل . قاله الخليل وغيره .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَلَئِنۡ أَرۡسَلۡنَا رِيحٗا فَرَأَوۡهُ مُصۡفَرّٗا لَّظَلُّواْ مِنۢ بَعۡدِهِۦ يَكۡفُرُونَ} (51)

قوله : { وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا } الهاء في قوله : { فَرَأَوْهُ } تعود إلى الزرع وقيل : إلى السحاب{[3624]} . و { مُصْفَرًّا } من الاصفرار وهو اليبس بعد الاخضرار ؛ أي لو أرسلنا ريحا فيها ضررا –كأن تكون حارة أو باردة- على زرعهم الذي زرعوه ونما واخضرّ واستوى على سوقه ثم اصفر وفسد بفعل الريح الضارة { لَّظَلُّوا مِن بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ } لسوف يظلون من بعد فرحهم وإعجازهم يجحدون نعمة الله . وذلكم هو الإنسان ؛ فإنه بطبعه عجول ؛ فهو يبتهج بالنعمة ويهش لها غاية الهشاشة ويغشاه بسببها الفرح والحبور ، حتى إذا نزعها الله منه لحكمة من الحكم بادر إلى القنوط وكفران النعمة ، إلا أن يؤتيه الله قوة في العزم ويخوله الصبر والثبات{[3625]} .


[3624]:نفس المصدر السابق.
[3625]:تفسير القرطبي ج 14 ص 44-45، وتفسير ابن كثير ج 3 ص 437.