في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ} (57)

46

ثم يمضي يتتبع هواجس القلوب وخواطرها . فإذا الخاطر الثاني هو الخوف من خطر الهجرة . خطر الموت الكامن في محاولة الخروج - وقد كان المشركون يمسكون بالمؤمنين في مكة ، ولا يسمحون لهم بالهجرة عندما أحسوا بخطرهم بعد خروج المهاجرين الأولين - ثم خطر الطريق لو قدر لهم أن يخرجوا من مكة . ومن هنا تجيء اللمسة الثانية :

( كل نفس ذائقة الموت . ثم إلينا ترجعون ) . .

فالموت حتم في كل مكان ، فلا داعي أن يحسبوا حسابه ، وهم لا يعلمون أسبابه . وإلى الله المرجع والمآب . فهم مهاجرون إليه ، في أرضه الواسعة ، وهم عائدون إليه في نهاية المطاف . وهم عباده الذين يؤويهم إليه في الدنيا والآخرة . فمن ذا يساوره الخوف ، أو يهجس في ضميره القلق ، بعد هذه اللمسات ?

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ} (57)

والموت لا بد أن ينزل بكم ثم ترجعون إلى ربكم .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ} (57)

قوله تعالى : " كل نفس ذائقة الموت ثم إلينا ترجعون " تقدم في " آل عمران " {[12420]} . وإنما ذكره ها هنا تحضيرا لأمر الدنيا ومخاوفها كأن بعض المؤمنين نظر في عاقبة تلحقه في خروجه من وطنه من مكة أنه يموت أو يجوع أو نحو هذا ، فحقر الله شأن الدنيا أي أنتم لا محالة ميتون ومحشورون إلينا ، فالبدار إلى طاعة الله والهجرة إليه وإلى ما يمتثل .


[12420]:راجع ج 4 ص 297 وما بعدها طبعة أولى أو ثانية.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِۖ ثُمَّ إِلَيۡنَا تُرۡجَعُونَ} (57)

ولما كانت الهجرة شديدة المرارة لأنها مرت في المعنى من حيث كونها مفارقة المألوف المحبوب من العشير والبلد والمال ، وكان في الموت ذلك كله بزيادة ، قال مؤكداً بذلك مذكراً به مرهباً من ترك الهجرة : { كل نفس ذائقة الموت } أي مفارقة كل ما ألفت حتى بدناً طالما لابسته ، وآنسها وآنسته ، فإن أطاعت ربها أنجت نفسها ولم تنقصها الطاعة في الأجل شيئاً ، وإلا أوبقت نفسها ولم تزدها المعصية في الأجل شيئاً ، فإذا قدر الإنسان أنه مات سهلت عليه الهجرة ، فإنه إن لم يفارق بعض مألوفه بها فارق كل مألوفه بالموت ، وما ذكر الموت في عسير إلا يسره ، ولا يسير إلا عسره وكدره .

ولما هوّن أمر الهجرة ، حذر من رضي في دينه بنوع نقص لشيء من الأشياء حثاً على الاستعداد بغاية الجهد في التزود للمعاد فقال : { ثم إلينا } على عظمتنا ، لا إلى غيرنا { ترجعون* } على أيسر وجه ، فيجازي كلاً منكم بما عمل .