في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

وإنهم ليعرضون بعضهم على بعض( يبصرونهم )كأنما عمدا وقصدا ! ولكن لكل منهم همه ، ولكل ضمير منهم شغله . فلا يهجس في خاطر صديق أن يسأل صديقه عن حاله ، ولا أن يسأله عونه . فالكرب يلف الجميع ، والهول يغشى الجميع . .

فما بال( المجرم )? إن الهول ليأخذ بحسه ، وإن الرعب ليذهب بنفسه ، وإنه ليود لو يفتدي من عذاب يومئذ بأعز الناس عليه ، ممن كان يفتديهم بنفسه في الحياة ، ويناضل عنهم ، ويعيش لهم . . ببنيه . وزوجه . وأخيه ، وعشيرته القريبة التي تؤويه وتحميه . بل إن لهفته على النجاة لتفقده الشعور بغيره على الإطلاق ، فيود لو يفتدي بمن في الأرض جميعا ثم ينجيه . . وهي صورة للهفة الطاغية والفزع المذهل والرغبة الجامحة في الإفلات ! صورة مبطنة بالهول ، مغمورة بالكرب ، موشاة بالفزع ، ترتسم من خلال التعبير القرآني الموحي .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

{ يَوَدُّ الْمُجْرِمُ } الذي حق عليه العذاب { لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ }

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

{ يبصرونهم } يعرف بعضهم بعضا أي إن الحميم يرى حميمه ويعرفه ولا يسأل عن شأنه { يود المجرم } يتمنى الكافر { لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه }

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

{ يبصرونهم } يقال : بصر الرجل بالرجل إذا رآه وبصرته إياه بالتشديد إذا أريته إياه والضميران يعودان على الحميمين لأنهما في معنى الجمع ، والمعنى : أن كل حميم يبصر حميمه يوم القيامة فيراه ولكنه لا يسأله .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

ولما كان عدم السؤال قد يكون لعدم رؤية بعضهم بعضاً لكثرة الجمع وشدة الزحام وتفرق الناس فيه على حسب مراتب أعمالهم ، استأنف الجواب لمن كأنه يقول : لعل ذلك يترك لعدم رؤيتهم لهم ؟ فقال دالاً بالمجهول والتفعيل على عظمة ذلك التبصير{[68311]} وخروجه عن العادة جامعاً لأن المقصود من الحميم الجنس والجمع أدل على عموم التبصير{[68312]} ، قال البغوي{[68313]} : وليس في القيامة مخلوق إلا وهو نصب عين{[68314]} صاحبه من الجن والإنس - انتهى ، وكان حكمة ذلك أنه أدل على تقطع الأسباب فلا يسأل{[68315]} أحد منهم الآخر عن شيء من أمره لاشتغال كل{[68316]} بنفسه ، فعدم السؤال لا للخفاء بل للاشتغال{[68317]} وهم كل إنسان بما عنده{[68318]} : { يبصرونهم } أي يبصرهم{[68319]} مبصر فلا يخفى أحد على أحد وإن بعد مكانه ويفر كل من الآخر لشغله بنفسه ، ولما تناهى الإخبار بعظمة ذلك اليوم إلى حد لا تحتمله القلوب ، ذكر نتيجة ذلك فقال مستأنفاً : { يود }{[68320]} أي يتمنى ويشتهي{[68321]} { المجرم } أي هذا النوع سواء كان كافراً أو مسلماً عاصياً علم أنه يعذب بعصيانه ، وقيد به لأن المسلم الطائع يشفع فيمن أذن له فيه ولا يهمه شيء من ذلك ، ودل على أن{[68322]} هذه الودادة مجرد تمن بقوله : { لو يفتدي } أي{[68323]} نفسه { من عذاب يومئذ } أي يوم إذ كانت هذه{[68324]} المخاوف بأعلق الناس بقلبه وأقربهم منه فضلاً عن أن يسأل عن أحواله .

ولما كان السياق للافتداء ، بدأ بأعزهم في ذلك بخلاف ما يأتي في عبس فقال : { ببنيه * } لشدة ما يرى .


[68311]:- من ظ وم، وفي الأصل: التبصر.
[68312]:- من ظ وم، وفي الأصل: التبصر.
[68313]:- في المعالم 7/ 125.
[68314]:- من ظ وم، والمعالم، وفي الأصل: على.
[68315]:- زيد من ظ وم.
[68316]:- من ظ وم، وفي الأصل: لكل.
[68317]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68318]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68319]:-زيد في الأصل: فيهم، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68320]:-سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68321]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68322]:- زيد من ظ وم.
[68323]:- زيد في الأصل: من، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68324]:- زيد من ظ وم.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{يُبَصَّرُونَهُمۡۚ يَوَدُّ ٱلۡمُجۡرِمُ لَوۡ يَفۡتَدِي مِنۡ عَذَابِ يَوۡمِئِذِۭ بِبَنِيهِ} (11)

قوله تعالى : { يبصّرونهم يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه 11 وصاحبته وأخيه 12 وفصيلته التي تؤويه 13 ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه 14 كلا إنها لظى 15 نزّاعة للشّوى 16 تدعوا من أدبر وتولى 17 وجمع فأوعى } .

اختلفوا في الذين عناهم الله بالهاء والميم في وقوله : { يبصّرونهم } . فقيل : يبصّر الأقرباء أقرباءهم ، ويعرّف كل إنسان قريبه . وذلك هو تبصير الله إياهم . وقيل : يعرّف بعضهم بعضا فيتعارفون بينهم ثم يفر بعضهم من بعض . وقيل : الضمير المرفوع يعود على المؤمنين . والهاء والميم تعود على الكافرين . أي يبصّر المؤمنون الكافرين يوم القيامة . إذ ينظرون إليهم في النار{[4628]} .

قوله : { يودّ المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه } يعني يتمنى الكافر يوم القيامة عند اشتداد الهول وفرط الفزع والذعر ، أن يفتدي من تعذيب الله له ببنيه وهم من النسل والذرية . وهؤلاء أحب الخلق إلى قلب الإنسان .


[4628]:البيان لابن الأنباري جـ 2 ص 460.