( وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا ، وينشر رحمته ، وهو الولي الحميد ) . .
وهذه لمسة أخرى كذلك تذكرهم بجانب من فضل الله على عباده في الأرض . وقد غاب عنهم الغيث ، وانقطع عنهم المطر ، ووقفوا عاجزين عن سبب الحياة الأول . . الماء . . وأدركهم اليأس والقنوط . ثم ينزل الله الغيث ، ويسعفهم بالمطر ، وينشر رحمته ، فتحيا الأرض ، ويخضر اليابس ، وينبت البذر ، ويترعرع النبات ، ويلطف الجو ، وتنطلق الحياة ، ويدب النشاط ، وتنفرج الأسارير ، وتتفتح القلوب ، وينبض الأمل ، ويفيض الرجاء . . وما بين القنوط والرحمة إلا لحظات . تتفتح فيها أبواب الرحمة ، فتتفتح أبواب السماء بالماء . . ( وهو الولي الحميد ) . . وهو النصير والكافل المحمود الذات والصفات . .
واللفظ القرآني المختار للمطر في هذه المناسبة . . ( الغيث ) . . يلقي ظل الغوث والنجدة ، وتلبية المضطر في الضيق والكربة . كما أن تعبيره عن آثار الغيث . . ( وينشر رحمته ) . . يلقي ظلال النداوة والخضرة والرجاء والفرح ، التي تنشأ فعلا عن تفتح النبات في الأرض وارتقاب الثمار . وما من مشهد يريح الحس والأعصاب ويندّي القلب المشاعر ، كمشهد الغيث بعد الجفاف . وما من مشهد ينفض هموم القلب وتعب النفس كمشهد الأرض تتفتح بالنبت بعد الغيث ، وتنتشي بالخضرة بعد الموات .
الغيث : المطر النافع الذي يغيث الناس بعد الجدب .
رحمته : هي منافع الغيث وآثاره ، التي تعم الإنسان والحيوان والنبات والسهل والجبل .
الولي : الذي يتولى عباده بالإحسان .
الحميد : المستحق للحمد على نعمه .
28- { وهو الذي ينزّل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد } .
يمتحن الله الناس بالشر والخير فتنة واختبارا ، وقد يطول المَحْلُ ويتأخر المطر حتى ييأس الناس منه ، وإذا بفضل الله تعالى يظهر فيسوق السحاب ، وينزل المطر ، ويأتي الغيث والماء بعد القنوط واليأس ، فتخضر الأرض ، وتنتشر آثار رحمة الله بعباده حيث ينبت النبات ، ويأكل الحيوان الإنسان ، ويعم الخير والفضل والرحمة ، وهو سبحانه يوالي المؤمنين بالنعم ، وهو أهل للحمد والفضل والثناء .
أخرج الحاكم وصححه ، عن علي قال : نزلت هذه الآية في أصحاب الصفة : { ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض . . . } ( الشورى : 27 ) . وذلك أنهم قالوا : لو أن لنا ، فتمنوا الدنيا والغنى .
وقال خباب بن الأرت : فينا نزلت هذه الآية – أي في أهل الصفة - وذلك أنا نظرنا إلى أموال بني قريظة وينب النضير وبني قينقاع فتمنيناها .
قوله : { وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا } من العلامات الدالة على قدرة الله الصانع الحكيم أنه ينزل الغيث وهو المطر . ينزله من السماء إلى الأرض ليغيث به العباد { مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا } أي يصيبهم المطر فيحيي به الله الأرض بعد موتها فيشيع فيها الخير والخصب والنماء من بعد أن يئس الناس من نزوله { وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ } المراد بالرحمة الغيث وهو المطر النزل من السماء ؛ فإن الله ينشره على العباد ليعم به الأقطار والبلاد . قوله : { وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ } أي المستحق للحمد من عباده على ما أسبغ عليهم من جزيل الخيرات والعطايا{[4109]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.