الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِۦٓ ءَالِهَةً إِن يُرِدۡنِ ٱلرَّحۡمَٰنُ بِضُرّٖ لَّا تُغۡنِ عَنِّي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيۡـٔٗا وَلَا يُنقِذُونِ} (23)

قوله : { أَأَتَّخِذُ } : مبنيٌّ على كلامِه الأول ، وهذه الطريقةُ أحسنُ من ادِّعاءِ الالتفاتِ .

قوله : " مِنْ دونِه " يجوزُ أَنْ يتعلَّقَ ب " أتخذُ " على أنها متعديةٌ لواحدٍ وهو " آلهةً " ، ويجوزُ أَنْ يكونَ متعلقاً بمحذوف على أنه حالٌ مِنْ " آلهةً " ، وأنْ يكونَ مفعولاً ثانياً قُدِّمَ على أنها المتعديةُ لاثنين .

قوله : " إنْ يُرِدْنِيْ " شَرْطٌ ، جوابُه { لاَّ تُغْنِ عَنِّي } ، والجملةُ الشرطيةُ في محلِّ نصبٍ صفةً ل آلهةً . وفتح طلحة السلماني - وقيل : طلحةُ ابنُ مصرِّفٍ - ياءَ المتكلم . قال الزمخشري : " وقُرِئ " { إِن يُرِدْنِي الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ } بمعنى : إنْ يُوْردني ضَرَّاء ، أي يجعله مَوْرِداً للضُرِّ " . قال الشيخُ : " وهذا - واللَّهُ أعلم - رأى في كتب القراءات بفتح الياءِ فتوهمَّ أنها ياءُ المضارعة فجعل الفعلَ متعدِّياً بالياء المعدِّية كالهمزةِ ، فلذلك أَدْخَلَ همزةَ التعديةِ فنصَبَ به اثنين ، والذي في كتبِ القراءات الشواذ أنها ياءُ الإِضافةِ المحذوفةُ خَطَّاً ونطقاً لالتقاء الساكنين " . قلت : وهذا رجلٌ ثقةٌ قد نَقَل هذه القراءةَ فتُقْبل منه .