في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَتۡكَ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ فَلَا نَاصِرَ لَهُمۡ} (13)

وتعترض سلسلة الموازنات بين الذين آمنوا والذين كفروا لفتة إلى القرية التي أخرجت الرسول [ صلى الله عليه وسلم ] وموازنة بينها وبين القرى الهالكة وكانت أشد قوة منها :

وكأي من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم . .

وهي آية يروى أنها نزلت في الطريق بين مكة والمدينة في أثناء رحلة الخروج والهجرة ، تسلية للرسول [ صلى الله عليه وسلم ] وتسرية عنه ؛ وتهوينا من شأن المشركين الجبارين الذين وقفوا في وجه الدعوة ، وآذوا أصحابها ، حتى هاجروا من أرضهم وأهلهم وأموالهم فرارا بعقيدتهم .

 
تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَتۡكَ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ فَلَا نَاصِرَ لَهُمۡ} (13)

10

المفردات :

وكأين من قرية : من أهل قرية .

أهلكناهم : بأنواع العذاب .

التفسير :

13- { وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم } .

كثير من القرى الظالمة ، مثل قرى عاد وثمود ولوط ، كانوا أعتى وأقوى وأشد قدرة وقوة من أهل مكة الذين أخرجوك وعادوك ، وحاولوا قتلك أو نفيك أو حبسك ، ولقد أهلكنا كثيرا من هذه القرى الظالمة مع قوتها ، ونحن أقدر على إهلاك أهل مكة ، لأنهم أقل شأنا وقوة ممن أهلكنا من الظالمين ، وإذا كان الله قد أمهل أهل مكة إكراما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فإن ذلك لن ينجيهم من عذاب النار يوم القيامة .

أخرج ابن أبي حاتم ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج من مكة إلى الغار وأتاه ، التفت إلى مكة وقال : ( أنت أحب بلاد الله إلى الله ، وأنت أحب بلاد الله إلي ، ولولا أن المشركين أخرجوني لم أخرج منك ) .

قال ابن كثير في التفسير معقبا على الأثر السابق : فأعدى الأعداء من عدا على الله تعالى في حرمه ، أو قتل غير قاتله ، فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم : { وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم } .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَتۡكَ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ فَلَا نَاصِرَ لَهُمۡ} (13)

{ وكأين من قرية هي أشد قوة } : أي وكثير من أهل قرية هي أشد قوة .

{ من قريتك التي أخرجتك } : أي مكة إذ أخرج أهلها النبي صلى الله عليه وسلم .

المعنى الكريمة :

وقوله تعالى { وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك أهلكناهم فلا ناصر لهم } هذه الآية نزلت ساعة خروج الرسول صلى الله عليه وسلم من بيته إلى غار ثور مهاجراً فقد التفت إلى مكة وقال أنت أحب البلاد إلى الله وأحب بلاد الله إليَّ ولو أن المشركين لم يُخرجوني لم أخرج منك .

والمعنى الكريمة الكريمة وكثيرة من القرى أهلها أشد قوة من أهل قريتك " مكة " التي أخرجك أهلها حيث حكموا بإِعدامه صلى الله عليه وسلم أهلكناه أي أهل تلك القرى فلا ناصر وجد لهم عند إهلاكنا لهم . فكانت هذه الآية تحمل تسلية لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأي تسلية‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ ! !

الهداية :

- تسلية الرسول صلى الله عليه وسلم تخفيفا من آلامه التي يعانيها من إعراض المشركين وصدوفهم عن الإسلام .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَتۡكَ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ فَلَا نَاصِرَ لَهُمۡ} (13)

{ وكأين من قرية هي أشد قوة من قريتك التي أخرجتك } يعني مكة أخرجك أهلها { أهلكناهم } بتكذيبهم الرسل { فلا ناصر لهم }

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَتۡكَ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ فَلَا نَاصِرَ لَهُمۡ} (13)

قوله تعالى : " وكأين من قرية " تقدم الكلام في " كأين " في ( آل عمران ){[13922]} . وهي ها هنا بمعنى كم ، أي وكم من قرية . وأنشد الأخفش قول لبيد :

وكائن رأينا من ملوك وسُوقَةٍ *** ومفتاحِ قيد للأسير المكبل

فيكون معناه : وكم من أهل قرية . " قريتك التي " أي أخرجك أهلها . " أهلكناهم فلا ناصر لهم " قال قتادة وابن عباس : لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى الغار التفت إلى مكة وقال : [ اللهم أنت أحب البلاد إلى الله وأنت أحب البلاد إلي ولولا المشركون أهلك أخرجوني لما خرجت منك ] . فنزلت الآية . ذكره الثعلبي ، وهو حديث صحيح .


[13922]:راجع ج 4 ص 228.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَكَأَيِّن مِّن قَرۡيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةٗ مِّن قَرۡيَتِكَ ٱلَّتِيٓ أَخۡرَجَتۡكَ أَهۡلَكۡنَٰهُمۡ فَلَا نَاصِرَ لَهُمۡ} (13)

ولما وعد سبحانه أنه ينصر من ينصره لأنه مولاه ويدخله دار نعمته ، ويخذل من يعانده لأنه عاداه إلى أن يدخله دار شقوته ، كان التقدير دليلاً على ذلك : فكأين من قوم هم أضعف من الذين اتبعوك نصرناهم على من كذبهم ، فلا خاذل لهم ، فعطف{[59480]} عليه قوله : { وكأين } ولما كانت قوة قريش في الحقيقة ببلدهم{[59481]} ، وكان الإسناد إليها أدل على تمالؤ أهلها وشدة اتفاقهم حتى كأنهم كالشيء الواحد قال-{[59482]} : { من قرية } أي كذبت رسولها { هي أشد قوة } وأكثر عدة { من قريتك } ولما كان إنزال{[59483]} هذه بعد الهجرة ، عين فقال : { التي أخرجتك } أي أخرجك أهلها متفقين في أسباب الإخراج{[59484]} من أنواع الأذى على كلمة واحدة حتى كأن{[59485]} قلوبهم قلب واحد فكأنها هي المخرجة - وهي مكة - كذبوك وآذوك حتى أخرجناك من عندهم لننصرك عليهم بمن أيدناك بهم من قريتك هذه التي آوتك من الأنصار نصراً جارياً على ما تألفونه وتعتادونه { أهلكناهم } بعذاب الاستئصال كما اقتضت عظمتنا ، وحكى حالهم الماضية بقوله : { فلا ناصر لهم * } .


[59480]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: عطف.
[59481]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: بلدهم.
[59482]:زيد من م ومد.
[59483]:من ظ و م ومد، وفي الأصل: انزل.
[59484]:من م ومد، وفي الأصل و ظ: الخروج.
[59485]:من مد، وفي الأصل و ظ و م: كأنهم.