هذا القسم الثاني من السورة يمضي في الحديث عن دلائل الإيمان في الأنفس والآفاق وعن آثار القدرة فيما يحيط بالناس ، وفيما يتعلق مباشرة بحياتهم ومعاشهم ، وفي صفة المؤمنين التي تميز جماعتهم . . وذلك بعد الحديث في القسم الأول عن الوحي والرسالة من جوانبها المتعددة . . ثم يعود في نهاية السورة إلى الحديث عن طبيعة الوحي وطريقته . وبين القسمين اتصال ظاهر ، فهما طريقان إلى القلب البشري ، يصلانه بالوحي والإيمان .
( وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ، ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون . ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله ، والكافرون لهم عذاب شديد . ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض . ولكن ينزل بقدر ما يشاء ، إنه بعباده خبير بصير ) . .
تجيء هذه اللمسة بعد ما سبق من مشهد الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم ، ومشهد الذين آمنوا في روضات الجنات . ونفي كل شبهة عن صدق رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] فيما بلغهم به عن الله . وتقرير علم الله بذوات الصدور .
تجيء لترغيب من يريد التوبة والرجوع عما هو فيه من ضلالة ، قبل أن يقضى في الأمر القضاء الأخير . ويفتح لهم الباب على مصراعيه : فالله يقبل عنهم التوبة ، ويعفو عن السيئات ؛ فلا داعي للقنوط واللجاج في المعصية ، والخوف مما أسلفوا من ذنوب . والله يعلم ما يفعلون . فهو يعلم التوبة الصادقة ويقبلها . كما يعلم ما اسلفوا من السيئات ويغفرها .
التوبة : الرجوع عن المعاصي بالندم عليها ، والعزم على تركها أبدا .
25- { وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون } .
فتح الله تعالى أبوابه للتائبين ، وهو وحده الذي يملك قبول التوبة ومنح المغفرة .
قال تعالى : { ومن يغفر الذنوب إلا الله . . . } ( آل عمران : 135 ) .
إن الله جلّت قدرته يمتن على عباده بواسع ألطافه ، فهو الذي يقبل التوبة من عباده ويغفر الذنوب لمن تاب وأناب ، وهو العليم بكل فعل نفعله ، فأحرى بنا أن نسارع إلى مرضاته والرجوع إليه ، والتوبة من المعاصي والندم عليها ، والالتجاء إلى الله .
{ وهو الذي يقبل التوبة عن عباده } عن هنا بمعنى : من ، وكأنه قال : التوبة الصادرة من عباده وقبول التوبة على ثلاثة أوجه :
أحدها : التوبة من الكفر فهي مقبولة قطعا .
والثاني : التوبة من مظالم العباد فهي غير مقبولة حتى ترد المظالم أو يستحل منها .
والثالث : التوبة من المعاصي التي بين العبد وبين الله فالصحيح أنها مقبولة بدليل هذه الآية وقيل : إنها في المشيئة .
{ ويعفو عن السيئات } العفو مع التوبة على حسب ما ذكرنا وأما العفو دون التوبة فهو على أربعة أقسام :
الأول : العفو عن الكفر وهو لا يكون أصلا .
الثاني : العفو عن مظالم العباد وهو كذلك .
الثالث : العفو عن الذنوب الصغائر إذا اجتنبت الكبائر وهو حاصل باتفاق .
الرابع : العفو عن الكبائر فمذهب أهل السنة في المشية ومذهب المعتزلة أنها لا تغفر إلا بالتوبة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.