لعمارة الأرض والخلافة فيها بعدكم . والله الذي قدر الموت هو الذي قدر الحياة . قدر الموت على أن ينشئ أمثال من يموتون ، حتى يأتي الأجل المضروب لهذه الحياة الدنيا . . فإذا انتهت عند الأجل الذي سماه كانت النشأة الأخرى :
في ذلك العالم المغيب المجهول ، الذي لا يدري عنه البشر إلا ما يخبرهم به الله . وعندئذ تبلغ النشأة تمامها ، وتصل القافلة إلى مقرها .
قدرنا بينكم الموت : قضينا به بينكم ، وكتبناه عليكم .
وما نحن بمسبوقين : وما نحن بعاجزين ولا مغلوبين .
على أن نبدل أمثالكم : نأتي بخلق مثلكم ( فتح القدير ) .
وننشئكم فيما لا تعلمون : وننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا ، فيجمَّل المؤمن ببياض وجهه ، ويقبح الكافر بسواد وجهه .
60 ، 61- { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ * عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } .
حكمنا بالموت على كل إنسان من أهل السماوات والأرض ، وقد ساوى الله بين أهل السماوات والأرض ، سواء في ذلك الشريف والوضيع ، والأمير والصعلوك .
قال تعالى : { كل نفس ذائقة الموت . . . } ( آل عمران : 185 ) .
وقال عز شأنه : { كل من عليها فان*ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام } . ( الرحمن : 26-27 ) .
وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ . وما نحن بعاجزين ولا مغلوبين .
عَلَى أَنْ نُبَدِّلَ أَمْثَالَكُمْ . فنذهب بكم ، ونأتي بخلق جديد أطوع لله منكم .
قال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيز }ٍ . ( فاطر : 15-17 ) .
قال الزجاج : إن أردنا أن نخلق خلقا غيركم ، لم يسبقنا سابق ولا يفوتنا .
{ وَنُنْشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } .
ولسنا بعاجزين أيضا أن نعيدكم يوم القيامة في خلقة لا تعلمونها ، ولا تصل إليها عقولكم ، والغرض أن الله قادر على أن يهلكهم ، وأن يعيدهم ، وأن يبعثهم يوم القيامة ، ففي الآية تهديد واحتجاج على البعث .
المعنى : إنا لقادرون على الأمرين معا ، على خلق ما يماثلكم ، وما لا يماثلكم ، فكيف نعجز عن إعادتكم .
المعنى : وننشئكم في البعث على غير صوركم في الدنيا ، فيحشر المؤمن أبيض الوجه ، ويحشر الكافر أسود الوجه .
{ على أن نبدل أمثالكم وننشئكم فيما لا تعلمون ) ونبدل أمثالكم معناه : نهلككم ونستبدل قوما غيركم ، وقيل : نمسخكم قردة وخنازير .
{ وننشئكم } معناه : نبعثكم بعد هلاككم وفيما لا تعلمون معناه : ننشئكم في خلقة لا تعلمونها على وجه لا تصل عقولكم إلى فهمه فمعنى الآية أن الله قادر على أن يهلكهم وعلى أن يبعثهم ففيها تهديد واحتجاج على البعث .
{ على أن نبدل } تبديلاً عظيماً { أمثالكم } أي صوركم وأشخاصكم لما تقدم في الشورى من أن المثل في الأصل هو الشيء نفسه { وننشئكم } أي إنشاء جديداً بعد تبديل ذواتكم { في ما لا تعلمون * } فإن بعضهم تأكله السباع أو الحيتان أو الطيور فتنشأ أبدانُها منه{[62174]} ، بعضهم يصير تراباً فربما نشأ منه نبات فأكلته الدواب ، فنشأ منه{[62175]} أبدانها ، وربما صار ترابه من معادن الأرض كالذهب والفضة والحديد والحجر ونحو ذلك ، وقد لمح إلى ذلك قوله تعالى : { قل كونوا حجارة أو حديداً {[62176]}أو خلقاً{[62177]} } إلى آخرها{[62178]} ، أو يكون المعنى كما قال البغوي{[62179]} : نأتي بخلق مثلكم بدلاً منكم ونخلقكم فيما لا تعلمون من الصور . أي بتغيير{[62180]} أوصافكم وصوركم في{[62181]} صور أخرى بالمسخ ، ومن قدر على ذلك قدر على الإعادة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.