في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَأۡتِهِمۡ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَقَوۡمِ إِبۡرَٰهِيمَ وَأَصۡحَٰبِ مَدۡيَنَ وَٱلۡمُؤۡتَفِكَٰتِۚ أَتَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (70)

ويلتفت السياق من خطابهم إلى خطاب عام ، كأنما يعجب من هؤلاء الذين يسيرون في طريق الهالكين ولا يعتبرون :

( ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات ? أتتهم رسلهم بالبينات ، فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )

هؤلاء الذين يستمتعون غير شاعرين ، ويسيرون في طريق الهلكى ولا يتعظون . . هؤلاء ( ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم )ممن ساروا في نفس الطريق ? ( قوم نوح )وقد غمرهم الطوفان وطواهم اليم في تيار الفناء المرهوب( وعاد ) وقد أهلكوا بريح صرصر عاتية( وثمود )وقد أخذتهم الصيحة ( وقوم إبراهيم )وقد أهلك طاغيتهم المتجبر وأنجى إبراهيم ( وأصحاب مدين )وقد أصابتهم الرجفة وخنقتهم الظلة( والمؤتفكات ) قرى قوم لوط وقد قطع الله دابرهم إلا الأقلين . . ألم يأتهم نبأ هؤلاء الذين ( أتتهم رسلهم بالبينات )فكذبوا بها ، فأخذهم الله بذنوبهم :

( فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون )?

إن النفس المنحرفة تبطرها القوة فلا تذكر ، وتعميها النعمة فلا تنظر . وما تنفع عظات الماضي ولا عبره إلا من تتفتح بصائرهم لإدراك سنة الله التي لا تتخلف ، ولا تتوقف ، ولا تحابي أحداً من الناس . وإن كثيراً ممن يبتليهم اللّه بالقوة وبالنعمة لتغشى أبصارهم وبصائرهم غشاوة ، فلا يبصرون مصارع الأقوياء قبلهم ، ولا يستشعرون مصير البغاة الطغاة من الغابرين . عندئذ تحق عليهم كلمة اللّه ، وعندئذ تجري فيهم سنة اللّه ، وعندئذ يأخذهم اللّه أخذ عزيز مقتدر . وهم في نعمائهم يتقلبون ، وبقوتهم يتخايلون . واللّه من ورائهم محيط

إنها الغفلة والعمى والجهالة نراها تصاحب القوة والنعمة والرخاء ، نراها في كل زمان وفي كل مكان . إلا من رحم اللّه من عباده المخلصين .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَأۡتِهِمۡ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَقَوۡمِ إِبۡرَٰهِيمَ وَأَصۡحَٰبِ مَدۡيَنَ وَٱلۡمُؤۡتَفِكَٰتِۚ أَتَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (70)

القول في تأويل قوله تعالى : { أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيّنَاتِ فَمَا كَانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلََكِن كَانُوَاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ألم يأت هؤلاء المنافقين الذين يسرّون الكفر بالله ، وينهون عن الإيمان به وبرسوله نَبأُ الّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ يقول : خبر الأمم الذين كانوا من قبلهم حين عصوا رسلنا ، وخالفوا أمرنا ماذا حلّ بهم من عقوبتنا ؟ ثم بين جلّ ثناؤه من أولئك الأمم التي قال لهؤلاء المنافقين ألم يأتهم نبؤهم ، فقال : قَوْمُ نُوحٍ ولذلك خفض «القوم » لأنه ترجم بهن عن «الذين » ، و«الذين » في موضع خفض .

ومعنى الكلام : ألم يأت هؤلاء المنافقين خبر قوم نوح وصنيعي بهم ، إذ كذّبوا رسولي نوحا وخالفوا أمري ، ألم أغرقهم بالطوفان ؟ وعادٍ يقول : وخبر عاد إذ عصوا رسولي هودا ، ألم أهلكهم بريح صرصر عاتية ؟ وخبر ثمود إذ عصوا رسولي صالحا ، ألم أهلكهم بالرجفة ، فأتركهم بأفنيتهم خمودا ؟ وخبر قوم إبراهيم إذ عصوه ، وردّوا عليه ما جاءهم به من عند الله من الحقّ ، ألم أسلبهم النعمة وأهلك ملكهم نمروذ ؟ وخبر أصحاب مدين بن إبراهيم ، ألم أهلكهم بعذاب يوم الظلة ، إذ كذّبوا رسولي شعيبا ؟ وخبر المنقلبة بهم أرضهم ، فصار أعلاها أسفلها ، إذ عصوا رسولي لوطا وكذّبوا ما جاءهم به من عندي من الحقّ . يقول تعالى ذكره : أفأمن هؤلاء المنافقون الذين يستهزءون بالله وبآياته ورسوله ، أن يسلك بهم في الانتقام منهم وتعجيل الخزي والنكال لهم في الدنيا سبيل أسلافهم من الأمم ، ويحلّ بهم بتكذيبهم رسولي محمدا صلى الله عليه وسلم ما حلّ بهم في تكذيبهم رسلنا ، إذ أتتهم بالبينات .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : وَالمُؤْتَفِكاتِ قال : قوم لوط انقلبت بهم أرضهم ، فجعل عاليها سافلها .

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : وَالمُؤْتَفِكاتِ قال : هم قوم لوط .

فإن قال قائل : فإن كان عني بالمؤتفكات قوم لوط ، فكيف قيل : المؤتفكات ، فجمعت ولم توحد ؟ قيل : إنها كانت قريات ثلاثا ، فجمعت لذلك ، ولذلك جمعت بالتاء على قول الله : والمؤتفِكةَ أهْوَى .

فإن قال : وكيف قيل : أتتهم رسلهم بالبينات ، وإنما كان المرسل إليهم واحدا ؟ قيل : معنى ذلك : أتى كل قرية من المؤتفكات رسول يدعوهم إلى الله ، فتكون رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين بعثهم إليهم للدعاء إلى الله عن رسالته رسلاً إليهم ، كما قالت العرب لقوم نسبوا إلى أبي فديك الخارجي الفديكات وأبو فديك واحد ، ولكن أصحابه لما نسبوا إليه وهو رئيسهم دعوا بذلك ونسبوا إلى رئيسهم فكذلك قوله : أتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بالبَيّناتِ . وقد يحتمل أن يقال : معنى ذلك : أتت قوم نوح وعاد وثمود وسائر الأمم الذين ذكرهم الله في هذه الآية رسلهم من الله بالبينات .

وقوله : فَمَا كانَ اللّهُ لِيَظْلِمَهُمْ يقول جلّ ثناؤه : فما أهلك الله هذه الأمم التي ذكر أنه أهلكها إلا بإجرامها وظلمها أنفسها واستحقاقها من الله عظيم العقاب ، لا ظلما من الله لهم ولا وضعا منه جلّ ثناؤه عقوبة في غير من هو لها أهل لأن الله حكيم ، لا خلل في تدبيره ولا خطأ في تقديره ، ولكن القوم الذين أهلكهم ظلموا أنفسهم بمعصية الله وتكذيبهم رسله حتى أسخطوا عليهم ربهم فحق عليهم كلمة العذاب فعذّبوا .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَأۡتِهِمۡ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَقَوۡمِ إِبۡرَٰهِيمَ وَأَصۡحَٰبِ مَدۡيَنَ وَٱلۡمُؤۡتَفِكَٰتِۚ أَتَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (70)

{ ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح } أغرقوا بالطوفان . { وعادٍ } أهلكوا بالريح . { وثمود } أهلكوا بالرجفة . { وقوم إبراهيم } أهلك نمروذ ببعوض وأهلك أصحابه . { وأصحاب مدين } وأهل مدين وهم قوم شعيب أهلكوا بالنار يوم الظلة . { والمؤتفكات } قريات قوم لوط ائتفكت بهم أي انقلبت بهم فصار عاليها سافلها ، وأمطروا حجارة من سجيل ، وقيل قريات المكذبين المتمردين وائتفاكهن انقلاب أحوالهن من الخير إلى الشر . { أتتهم رسُلهم } يعني الكل . { بالبينات فما كان الله ليظلمهم } أي لم يك من عادته ما يشابه ظلم الناس كالعقوبة بلا جرم . { ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } حيث عرضوها للعقاب بالكفر والتكذيب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَأۡتِهِمۡ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَقَوۡمِ إِبۡرَٰهِيمَ وَأَصۡحَٰبِ مَدۡيَنَ وَٱلۡمُؤۡتَفِكَٰتِۚ أَتَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (70)

يقول عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم ألم يأت هؤلاء المنافقين خبر الأمم السالفة التي عصت الله بتكذيب رسله فأهلكها ، { وعاد وثمود } قبيلتان ، { وقوم إبراهيم } نمرود وأصحابه وتباع دولته ، { وأصحاب مدين } قوم شعيب ، { والمؤتفكات } أهل القرى الأربعة ، وقيل السبعة الذين بعث إليهم لوط صلى الله عليه وسلم ، ومعنى { المؤتفكات } المنصرفات والمنقلبات أفكت فانتفكت لأنها جعل أعاليها أسفلها ، وقد جاءت في القرآن مفردة تدل على الجمع ، ومن هذه اللفظة قول عمران بن حطان : [ البسيط ]

بمنطق مستبينٍ غيرِ مُلْتَبِسٍ*** به اللسانُ وإني غيرُ مؤتفكِ

أي غير منقلب منصرف مضطرب ومنه يقال للريح مؤتفكة لتصرفها ، ومنه { أنى يؤفكون }{[5777]} والإفك : صرف القول من الحق إلى الكذب ، والضمير في قوله { أتتهم رسلهم } عائد على هذه الأمم المذكورة ، وقيل على { المؤتفكات } خاصة ، وجعل لهم رسلاً وإنما كان نبيهم واحداً لأنه كان يرسل إلى كل قرية رسولاً داعياً ، فهم رسل رسول الله ذكره الطبري ، والتأويل الأول في عود الضمير على جميع الأمم أبين وقوله { بالبينات } يريد بالمعجزات وهي بينة في أنفسها بالإضافة إلى الحق لا بالإضافة إلى المكذبين بها .


[5777]:- من قوله تعالى في الآية (4) من سورة (المنافقون): {هم العدو فاحذرهم قاتلهم الله أنى يؤفكون}.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{أَلَمۡ يَأۡتِهِمۡ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَقَوۡمِ إِبۡرَٰهِيمَ وَأَصۡحَٰبِ مَدۡيَنَ وَٱلۡمُؤۡتَفِكَٰتِۚ أَتَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (70)

عاد الكلام على المنافقين : فضمير { ألم يأتهم } و { من قبلهم } عائدَانِ إلى المنافقين الذين عاد عليهم الضمير في قوله : { ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب } [ التوبة : 65 ] ، أو الضميرُ في قوله : { ولهم عذاب مقيم } [ التوبة : 68 ] .

والاستفهام موجه للمخاطب تقريراً عنهم ، بحيث يكون كالاستشهاد عليهم بأنّهم أتاهم نبأ الذين من قبلهم .

والإتيان مستعمل في بلوغ الخبر كقوله تعالى : { يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه } وقد تقدّم في سورة العقود ( 41 ) ، شُبْه حصول الخبر عند المخبَر بإتيان الشخص ، بجامع الحصول بعد عدمه ، ومن هذا القبيل قولهم : بلغَه الخبر ، قال تعالى : { لأنذركم به ومن بلغ } في سورة الأنعام ( 19 ) .

والنبأ : الخبر وقد تقدّم في قوله تعالى : { ولقد جاءك من نبإِ المرسلين } في سورة الأنعام ( 34 ) .

وقوم نوح تقدم الكلام عليهم عند قوله تعالى : { لقد أرسلنا نوحا إلى قومه } في سورة الأعراف ( 59 ) .

ونوح : تقدّم ذكره عند قوله تعالى : { إن الله اصطفى آدم ونوحاً } في سورة آل عمران ( 33 ) .

وعاد : تقدّم الكلام عليهم عند قوله تعالى : { وإلى عاد أخاهم هوداً } في سورة الأعراف ( 65 ) .

وكذلك ثمود . وقوم إبراهيم هم الكلدانيون ، وتقدّم الكلام على إبراهيم وعليهم عند قوله تعالى : { وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات } في سورة البقرة ( 124 ) .

وإضافة أصحاب } إلى { مَدْيَنَ } باعتبار إطلاق اسم مَدْيَن على الأرض التي كان يقطنها بنو مدين ، فكما أنّ مدين اسم للقبيلة كما في قوله تعالى : { وإلى مدين أخاهم شعيباً } [ الأعراف : 85 ] كذلك هو اسم لموطن تلك القبيلة . وقد تقدّم ذكر مَدين عند قوله : { وإلى مدين أخاهم شعيباً } في الأعراف ( 85 ) .

و{ المؤتفكات } عطف على { أصحاب مدين } ، أي نَبَأ المؤتفكات ، وهو جمع مؤتفكة : اسم فاعلٍ من الائْتِفَاك وهو الانقلابُ . أي القرى التي انقلبت والمراد بها : قرى صغيرة كانت مساكنَ قوم لوط وهي : سدوم ، وعمورة ، وأدَمَة ، وصِبْوِيم وكانت قرى متجاورة فخسف بها وصار عاليها سافلها . وكانت في جهات الأردن حول البحر الميت ، ونبأ هؤلاء مشهور معلوم ، وهو خبر هلاكهم واستئصالهم بحوادث مهولة .

وجملة : { أتتهم رسلهم } تعليل أو استئناف بياني نشأ عن قوله : { نبأ الذين من قبلهم } أي أتتهم رسلهم بدلائل الصدق والحقّ .

وجملة { فما كان الله ليظلمهم } تفريع على جملة { أتتهم رسلهم } ، والمفرّع هو مجموع الجملة إلى قوله : { يظلمون } لأنّ الذي تفرّع على إتيان الرسل : أنّهم ظلموا أنفسهم بالعناد ، والمكابرة ، والتكذيب للرسل ، وصمّ الآذان عن الحقّ ، فأخذهم الله بذلك ، ولكن نُظِم الكلام على هذا الأسلوب البديع إذا ابتدىء فيه بنفي أن يكون الله ظلمهم اهتماماً بذلك لفرط التسجيل عليهم بسوء صنعهم حتّى جُعل ذلك كأنّه هو المفرّع وجعل المفرّع بحسب المعنى في صورة الاستدراك .

ونُفِي الظلم عن الله تعالى بأبلغ وجه ، وهو النفي المقترن بلام الجحود ، بعد فعل الكون المنفي ، وقد تقدّم الكلام عليه عند قوله تعالى : { ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج } من سورة العقود ( 6 ) .

وأثبت ظُلمُهم أنفُسَهم لهم بأبلغ وجه إذْ أسند إليهم بصيغة الكون الماضي ، الدالّ على تمكّن الظلم منهم منذ زمان مضى ، وصيغ الظلم الكائن في ذلك الزمان بصيغة المضارع للدلالة على التجدّد والتكرّر ، أي على تكرير ظلمهم أنفسهم في الأزمنة الماضية .