القول في تأويل قوله تعالى : { وَقَالَ الّذِي نَجَا مِنْهُمَا وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ أَنَاْ أُنَبّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ * يُوسُفُ أَيّهَا الصّدّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لّعَلّيَ أَرْجِعُ إِلَى النّاسِ لَعَلّهُمْ يَعْلَمُونَ } .
يقول تعالى ذكره : وقال الذي نجا من القتل من صاحبي السجن اللذين استعبرا يوسف الرؤيا وادّكَرَ يقول : وتذكر ما كان نسي من أمر يوسف ، وذكر حاجته للملِك التي كان سأله عند تعبيره رؤياه أن يذكرها له بقوله : اذْكُرنِي عِنْدَ رَبّكَ بَعدَ أُمّةٍ يعني بعد حين . كالذي :
حدثنا محمد بن بشار ، قال : حدثنا عبد الرحمن ، قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رُزَين ، عن ابن عباس : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ قال : بعد حين .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا وكيع وحدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا أبي ، عن سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رُزَين ، عن ابن عباس ، مثله .
حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرنا الثوريّ ، عن عاصم ، عن أبي رزين عن ابن عباس ، مثله .
حدثنا أبو كريب ، قال : حدثنا أبو بكر بن عياش : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ : بعد حين .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، قال : أخبرنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رُزَين قال : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ قال : بعد حين .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو نعيم ، قال : حدثنا سفيان ، عن عاصم ، عن أبي رزين ، عن ابن عباس مثله .
قال : حدثنا عبد الله بن صالح ، قال : ثني معاوية ، عن عليّ ، عن ابن عباس ، قوله : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ يقول : بعد حين .
حدثني محمد بن سعد ، قال : ثني أبي ، قال : ثني عمي ، قال : ثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ قال : ذكر بعد حين .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن الحسن : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ بعد حين .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة ، عن الحسن ، مثله .
حدثني الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا يزيد بن زريع ، قال : حدثنا سعيد بن أبي عَروبة ، عن قتادة ، عن الحسن ، مثله .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو حذيفة ، قال : حدثنا شبل ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ : بعد حين .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا حجاج ، عن ابن جريج ، قال : قال ابن كثير بَعْدَ أُمّةٍ : بعد حين . قال : قال ابن جريج ، وقال ابن عباس : بَعْدَ أُمّةٍ قال : بعد سنين .
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السديّ : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ قال : بعد حين .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا الحِمّاني ، قال : حدثنا شريك ، وعن سِماك ، عن عكرمة : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ أي بعد حِقْبة من الدهر .
وهذا التأويل على قراءة من قرأ : بَعْدَ أُمّةٍ بضمّ الألف وتشديد الميم ، وهي قراءة القرّاء في أمصار الإسلام .
وقد رُوى عن جماعة من المتقدّمين أنهم قرءوا ذلك : «بَعْدَ أُمّةٍ » بفتح الألف وتخفيف الميم وفتحها بمعنى بعد نسيان . وذكر بضهم أن العرب تقول من ذلك : أَمِهَ الرّجلُ يأمَهُ أمَها : إذا نسي . وكذلك تأوّله من قرأ ذلك كذلك . ذكر من قال ذلك :
14804حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عفان ، قال : حدثنا همام ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، أنه كان يقرأ : «بَعْدَ أمَهٍ » ويفسرها : بعد نسيان .
حدثنا ابن حميد ، قال : حدثنا بَهزْ بن أسد ، عن هَمّام ، عن قتادة ، عن عكرمة ، عن ابن عباس أنه قرأ : «بَعْدَ أمَهٍ » يقول : بعد نسيان .
حدثني أبو غسان مالك بن الخليل اليحمَديّ ، قال : حدثنا ابن أبي عديّ ، عن أبي هارون الغنويّ ، عن عكرمة أنه قرأ : «بَعْدَ أمَهٍ » والأمَهُ : النسيان .
حدثني يعقوب وابن وكيع ، قالا : حدثنا ابن علية ، قال : حدثنا أبو هارون الغنوي ، عن عكرمة ، مثله .
حدثنا الحسن بن محمد ، قال : حدثنا عبد الوهاب ، قال : قال هارون ، وثنى أبو هارون الغنوي ، عن عكرمة : «بَعْدَ أمَهٍ » : بعد نسيان .
قال : حدثنا عبد الوهاب ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن عكرمة : «وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ » : بعد نسيان .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، عن ابن عباس : أي بعد نسيان .
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : «وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ » قال : من بعد نسيانه .
حدثني المثنى ، قال : حدثنا أبو النعمان عارم ، قال : حدثنا حماد بن زيد ، عن عبد الكريم أبي أمية المعلم ، عن مجاهد ، أنه قرأ : «وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ » .
حدثني ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أبي مرزوق ، عن جويبر ، عن الضحاك : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ قال : بعد نسيان .
حُدثت عن الحسين بن الفرج ، قال : سمعت أبا معاذ يقول : حدثنا عبيد بن سليمان ، قال : سمعت الضحاك يقول في قوله : «وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ » يقول : بعد نسيان .
وقد ذكر فيها قراءة ثالثة ، وهي ما :
حدثني به المثنى ، قال : أخبرنا إسحاق ، قال حدثنا عبد الله بن الزّبَير ، عن سفيان ، عن حميد ، قال : قرأ مجاهد : «وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ » مجزمة الميم مخففة .
وكأن قارىء ذلك كذلك أراد به المصدر من قولهم : أمِهَ يأْمَهُ أمْها ، وتأويل هذه القراءة ، نظير تأويل من فتح الألف والميم .
وقوله : أناأُنَبّئُكُمْ بتَأْوِيلِهِ يقول : أنا أخبركم بتأويله . فَأرْسِلُونَ يقول : فأطلقوني أمضى لاَتيكم بتأويله من عند العالِم به . وفي الكلام محذوف قد ترك ذكره استغناء بما ظهر عما ترك وذلك : فأرسلوه فأتى يوسف ، فقال له : يا يوسف يا أيها الصديق . كما :
حدثنا حميد ، قال : حدثنا سلمة ، عن ابن إسحاق قال : قالَ المَلِكُ للملإ حوله : إنّي أرَى سَبْعَ بَقَرَاتِ سِمانٍ . . . الآية ، وقالوا له ما قال ، وسمع «نبو » من ذلك ما سمع ومسألتَه عن تأويلها ذكر يوسف وما كان عبر له ولصاحبه وما جاء من ذلك على ما قال من قوله ، قال : أنا أُنَبَئُكُمْ بتَأْوِيلِهِ فأرْسِلُونَ يقول الله تعالى : وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ : أي حقبة من الدهر ، فأتاه فقال : يا يوسف إن الملك قد رأى كذا وكذا فقصّ عليه الرؤيا ، فقال فيها يوسف ما ذكر الله تعالى لنا في الكتاب فجاءهم مثْلَ فَلَق الصبح تأويلها ، فخرج نبو من عند يوسف بما أفتاهم به من تأويل رؤيا الملك ، وأخبره بما قال .
وقيل : إن الذي نجا منهما إنما قال : أرسلوني لأن السجن لم يكن في المدينة . ذكر من قال ذلك :
حدثنا ابن وكيع ، قال : حدثنا عمرو بن محمد ، عن أسباط ، عن السديّ : وقَالَ الّذِي نَجا مِنْهُما وَادّكَرَ بَعْدَ أُمّةٍ أنا أُنَبّئُكُمْ بتَأْوِيلِهِ فأرْسِلُونَقال ابن عباس : لم يكن السجن في المدينة ، فانطلق الساقي إلى يوسف ، فقال : أفْتِنا في سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمانٍ . . . الاَيات .
قوله : أفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُن سَبُعٌ عِجافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وأُخَرَ يابِساتٍ فإن معناه : أفتنا في سبع بقرات سِمان رُئِينَ في المنام يأكلهن سبع منها عجاف ، وفي سبع سنبلات خضر رئين أيضا ، وسبع أخر منهنّ يابسات . فأما السمان من البقر : فإنها السنون المخصبة . كما :
حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة : أفْتِنا في سَبْعٍ بَقَرَاتَ سِمانٍ يَأكُلُهُنّ سَبْعٌ عِجافٌ قال : أما السمان : فسنون منها مخصبة . وأما السبع العِجاف : فسنون مجدبة لا تنبت شيئا .
حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : أفْتنا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمانٍ فالسمان المخاصيب ، والبقرات العجاف : هي السنون المُحُول الجُدُوب .
قوله : وَسَبْعِ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وأُخَرَ يابساتٍ أما الخضر : فهنّ السنون المخاصيب ، وأما اليابسات : فهنّ الجُدُوب المحول . والعجاف : جمع عجف ، وهي المهازيل .
وقوله : لَعَلّي أرْجِعُ إلى النّاسِ لَعلّهُمْ يَعْلَمُونَ يقول : كي أرجع إلى الناس فأخبرهم ، لَعَلّهُمْ يَعْلَمُونَ يقول : ليعلموا تأويل ما سألتك عنه من الرؤيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.