في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَلَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ وَلَدَيۡنَا كِتَٰبٞ يَنطِقُ بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (62)

53

تلك اليقظة التي يفرضها الإسلام على قلب المسلم . والتي يستجيشها الإيمان بمجرد استقراره في القلوب . . ليست أمرا فوق الطاقة ، وليست تكليفا فوق الاستطاعة . إنما هي الحساسية الناشئة من الشعور بالله والاتصال به ؛ ومراقبته في السر والعلن ؛ وهي في حدود الطاقة الإنسانية ، حين يشرق فيها ذلك النور الوضيء :

( ولا نكلف نفسا إلا وسعها ولدينا كتاب ينطق بالحق وهم لا يظلمون ) . .

ولقد شرع الله التكاليف وفق ما يعلم من استعداد النفوس ؛ وهو محاسبهم وفق ما يعملونه في حدود الطاقة ، لا يظلمون بتحميلهم ما لا يطيقون ؛ ولا ببخسهم شيئا مما يعملون ، وكل ما يعملونه محسوب في سجل ( ينطق بالحق )ويبرزه ظاهرا غير منقوص . والله خير الحاسبين .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَلَا نُكَلِّفُ نَفۡسًا إِلَّا وُسۡعَهَاۚ وَلَدَيۡنَا كِتَٰبٞ يَنطِقُ بِٱلۡحَقِّ وَهُمۡ لَا يُظۡلَمُونَ} (62)

القول في تأويل قوله تعالى : { وَلاَ نُكَلّفُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بِالْحَقّ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } .

يقول تعالى ذكره : ولا نكلف نفسا إلاّ ما يَسَعها ويصلح لها من العبادة ولذلك كلّفناها ما كلفناها من معرفة وحدانية الله ، وشرعنا لها ما شرعنا من الشرائع . وَلَدَيْنا كِتابٌ يَنْطِقُ بالحَقّ يقول : وعندنا كتاب أعمال الخلق بما عملوا من خير وشرّ يَنْطِقُ بِالْحَقّ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ يقول : يبين بالصدق عما عملوا من عمل في الدنيا ، لا زيادة عليه ولا نقصان ، ونحن موفو جميعهم أجورهم ، المحسن منهم بإحسانه والمسيء بإساءته . وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ يقول : وهم لا يظلمون ، بأن يزاد على سيئات المسيء منهم ما لم يعمله فيعاقب على غير جُرْمه ، وينقص المحسن عما عمل من إحسانه فينقص عما له من الثواب .