الآية 62 : وقوله تعالى : { ولا نكلف نفسا إلا وسعها }جائز أن يكون ذكر هذا ، وقاله ، لما عمل أولئك من الأعمال{[13451]} التي لا تسع ، ولا تحل ، فقالوا : الله أمرهم بذلك بقولهم : { والله أمرنا بها }( الأعراف : 28 ) فقال : { ولا نكلف نفسا إلا وسعها } أي إلا ما يسعها ، ويحل كقوله : { قل إن الله لا يأمر بالفحشاء }( الأعراف : 28 ) ردا لقولهم وتكذيبا .
ويحتمل وجها آخر ، وهو أن يقول : لا نكلف نفسا من الأعمال إلا وسعها أي طاقتها . وذلك يحتمل وجهين : أحدهما : أي لا نكلف أحد من العمل ما يتلف طاقته وسعته فيه ؛ لا يكلف الغني من الإعطاء ما يتلف به طاقته وحياته ، ولكنه إنما أمره ، وكلفه ، بأمور تحتمل طاقته{[13452]} ذلك العمل والأمر . فإن كان كذلك فدل ذلك أنه لم يرد به طاقة العمل وقدرته ، ولكن طاقة الأحوال التي يجوز تقدمها عن الأفعال . {[13453]}
والثاني : ذلك هذا لئلا يقولوا : إنا لم نطق ما كلفنا لأنهم تركوا الأعمال التي أمروا بها ، وكلفوا بأعمال ، مثلها التي تركوها ، وهي المعاصي التي عملوها . فما أمروا من الأعمال ليس يفوق التي عملوها ، ولكن مثلها ، فلا يكون لهم في ذلك احتجاج .
وقوله تعالى : { ولدينا كتاب ينطق بالحق } قال قائلون : هو الكتاب الذي يكتب فيه أعمالهم وأفعالهم من الخيرات والسيئات . وذلك كله محفوظ محصي عليهم كقوله : { ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد }( ق : 18 ) فإن كان هذا فيكون قوله : { بالحق } أي بالتصديق .
وقال قائلون : هو الكتاب الذي أنزل إلينا ، وهو هذا القرآن ، ينطق عليكم بالحق ، أي بالحق الذي يكون لبعض على بعض ، وهو كقوله : }هذا كتاب ينطق عليكم بالحق } ( الجاثية : 29 ) وهو ما ذكرنا من الحق الذي له علينا ومن الحق الذي لبعضنا على بعض .
وجائز أن يكون هو اللوح المحفوظ . فإن كان هذا ففيه أن الله لم يزل عالما بما كان ، ويكون في الأوقات التي تكون ( إلى ){[13454]} أبد الآبدين .
( وقوله تعالى ){[13455]} : { وهم لا يظلمون }فإن كان على الكتاب الذي يكتب فيه أعمالهم فيكون قوله : { وهم لا يظلمون }أي لا ينقص من أعمالهم التي عملوا من الخيرات ، ولا يزاد فيه على سيئاتهم . بل يحفظ ما عملوا . أو يكون{ لا يظلمون }أي لا يزاد على الجزاء على قدر أعمالهم ، ولا ينقص من قدرها بل يجزون على قدر أعمالهم ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.