قوله : { وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } الآية ، لمّا ذكر كيفيّة{[33086]} أعمال المؤمنين المخلصين ذكر حكمين{[33087]} من أحكام أعمال العبادة :
الأوّل : قوله : { وَلاَ نُكَلِّفُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا } قال المفضّل{[33088]} : الوسع الطاقة .
وقال مقاتل ، والضحّاك ، والكلبي ، والمعتزلة : هو دون الطاقة ، لأن الوسع إنما سُمي وُسعاً ، لأنه يتسع عليه فعله ، ولا يصعب ولا يضيق ، فبيّن أن أولئك المخلصين لم يكلفوا أكثر مما عملوا . قال مقاتل : من لم يستطع القيام فليصلّ قاعداً ، ومن لم يستطع الجلوس فَلْيومئ إيماء ، ومن لم يستطع الصوم فليفطر{[33089]} .
قوله : { وَلَدَيْنَا كِتَابٌ يَنطِقُ بالحق } «يَنْطِقُ » صفة ل «كِتَابٌ » و «بِالحَقِّ » يجوز أن يتعلق ب «يَنْطِق » ، وأن يتعلق بمحذوف حالاً من فاعله . أي : ينطق ملتبساً بالحق ، ونظيره { هذا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُم بالحق }{[33090]} [ الجاثية : 29 ] . فشبّه الكتاب{[33091]} بمن يصدر عنه البيان ، فإن الكتاب لا ينطق لكنه يعرب بما فيه كما يعرب وينطق الناطق إذا كان مُحِقًّا . فإن قيل : هؤلاء الذين يعرض عليهم ذلك الكتاب ، إما أن يكونوا محيلين الكذب على الله ، أو مجوزين ذلك عليه ، فإن أحالوه عليه ، فإنهم يصدقونه في كل ما يقول سواء وجد الكتاب أو لم يوجد ، وإن جوزوه عليه لم يحصل لهم بذلك الكتاب يقين ، لتجويزهم أنه - سبحانه - كتب فيه خلاف ما حصل ، وعلى التقديرين لا فائدة في ذلك الكتاب . فالجواب : يفعل الله ما يشاء ، وعلى أنه لا يَبْعُد أن يكون ذلك مصلحة للمكلفين من الملائكة{[33092]} .
قوله : { وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ } لا ينقص من حسناتهم ، ولا يُزاد على سيئاتهم ونظيره : { وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِراً وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً }{[33093]} [ الكهف : 49 ] .
قالت المعتزلة{[33094]} : الظلم إمّا أن يكون بالزيادة في العقاب أو بالنقصان من الثواب ، أو بأن يعذب على ما لم يعمل أو بأن يكلفهم ( ما لاَ يَطِيقُونَ ){[33095]} فتكون الآية دالة على كون العبد مُوجداً لفعله ، وإلا لكان تعذيبه عليه ظلماً ، ويدلُّ على أنه - سبحانه - لا يكلف ما لا يطاق .
وأجيب بأنه لمّا كلف أبا لهب أن يؤمن ( والإيمان يقتضي تصديق الله في كل ما أخبر به ، ومما أخبر أنّ أبا لهب لا يؤمن ){[33096]} فقد كلّفه ( بأن يؤمن ){[33097]} بأن لا يؤمن فيلزمكم ( كل ما ذكرتموه{[33098]} ){[33099]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.