فقد بين الله للناس الهدى ، وأنذرهم نارا تلظى :
( إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى ( 12 ) وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى ( 13 ) فَأَنذَرْتُكُمْ نَاراً تَلَظَّى ( 14 ) لَا يَصْلَاهَا إِلَّا الْأَشْقَى ( 15 ) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى ( 16 ) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى ( 17 ) الَّذِي يُؤْتِي مَالَهُ يَتَزَكَّى ( 18 ) وَمَا لِأَحَدٍ عِندَهُ مِن نِّعْمَةٍ تُجْزَى ( 19 ) إِلَّا ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى ( 20 ) وَلَسَوْفَ يَرْضَى ( 21 ) )
لقد كتب الله على نفسه - فضلا منه بعباده ورحمة - أن يبين الهدى لفطرة الناس ووعيهم . وأن يبينه لهم كذلك بالرسل والرسالات والآيات ، فلا تكون هناك حجة لأحد ، ولا يكون هناك ظلم لأحد : ( إن علينا للهدى ) . .
" إن علينا للهدى " أي إن علينا أن نبين طريق الهدى من طريق الضلالة . فالهدى : بمعنى بيان الأحكام ، قاله الزجاج . أي على اللّه البيان ، بيان حلال وحرامه ، وطاعته ومعصيته . قاله قتادة . وقال الفراء : من سلك الهدى فعلى اللّه سبيله ؛ لقوله : " وعلى الله قصد السبيل{[16115]} " [ النحل : 9 ] يقول : من أراد اللّه فهو على السبيل القاصد . وقيل : معناه إن علينا للهدى والإضلال ، فترك الإضلال ، كقوله : " بيدك الخير{[16116]} " [ آل عمران : 26 ] ، و " بيده ملكوت{[16117]} كل شيء " [ يس : 83 ] . وكما قال : " سرابيل تقيكم الحر{[16118]} " [ النحل : 81 ] وهي تقي البرد ، عن الفراء أيضا . وقيل : أي إن علينا ثواب هداه الذي هديناه .
ولما كان ربما قال المتعنت الجاهل بما له سبحانه وتعالى من العظمة التي لا اعتراض لأحد عليها : ما له لا ييسر الكل للحسنى ، استأنف جوابه مبيناً من ألزم به نفسه من المصالح تفضلاً منه بما له من اللطف والكرم وما يفعله مما هو له من غير نظر إلى ذلك بما له من الجبروت والكبر ، فقال مؤكداً تنبيهاً على أنه يحب العلم بأنه لا حق لأحد عليه أصلاً : { إن علينا } أي على ما لنا من العظمة { للهدى * } أي البيان للطريق الحق وإقامة الأدلة الواضحة على ذلك .
قوله تعالى : { إن علينا للهدى 12 وإن لنا للآخرة والأولى 13 فأنذرتكم نارا تلظّى 14 لا يصلاها إلا الأشقى 15 الذي كذب وتولى 16 وسيجنّبها الأتقى 17 الذي يؤتي ماله يتزكّى 18 وما لأحد عنده من نعمة تجزى 19 إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى 20 ولسوف يرضى }
الله الهادي إلى سواء السبيل بما بيّنه لعباده من أصول العقيدة السليمة وشرائع الأحكام فقال سبحانه : { إن علينا للهدى } يعني علينا الإرشاد إلى الحق والسداد بإظهار الدلائل وتبيين الأحكام وما تضمنته من وجوه الحلال والحرام .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.