اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{إِنَّ عَلَيۡنَا لَلۡهُدَىٰ} (12)

قوله : { إِنَّ عَلَيْنَا للهدى } ، أن نبين طريق الهدى ، من طريق الضلال ، فالهدى بمعنى بيان الأحكام قاله الزجاجُ : أي : على الله بيان حلاله ، وحرامه ، وطاعته ومعصيته ، وهو قول قتادة .

وقال الفراءُ : من سلك الهدى ، فعلى الله سبيله ، كقوله تعالى : { وعلى الله قَصْدُ السبيل } [ النحل : 9 ] ، وقيل : معناه إنَّ علينا للهدى والإضلال ، فترك الإضلال كقوله تعالى : { بِيَدِكَ الخير } [ آل عمران : 26 ] ، وقوله تعالى : { تَقِيكُمُ الحر } [ النحل : 81 ] وهي تقي الحرَّ وهي تقي البرد ، قاله الفراء أيضاً . وهو يروي عن ابن عباس رضي الله عنه .

فصل

لما عرفهم سبحانه أن سعيهم شتى ، وبين ما للمحسنين من اليسرى ، وللمسيئين من العسرى أخبرهم أنه قد مضى ما عليه من البيان ، والدلالة ، والترغيب ، والترهيب ، أي : أن الذي يجب علينا في الحكمة إذا خلقنا الخلق للعبادة أن نبين لهم وجوه التعبد ، ونبين المتعبد به .

قالت المعتزلة : إباحة الأعذار تقتضي أنه تعالى كلفهم بما في وسعهم وطاقتهم .

وأيضاً فكلمة «على » للوجوب ، وأيضاً : فلو لم يستقل العبد بالإيجاد ، لم يكن في نصب الأدلة فائدة ، وجوابهم قد تقدم .

وزاد الواحديُّ : أن الفراء ، قال : إن معنى : إن علينا للهدى والإضلال ، فحذف المعطوف كقوله تعالى : { سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر } [ النحل : 81 ] ، وهو معنى قول ابن عباس رضي الله عنهما ، يريد : أرشد أوليائي للعمل بطاعتي ، وأحول بين أعدائي أن يعملوا بطاعتي ، وهو معنى الإضلال ، ورد المعتزلة هذا التأويل بقوله تعالى : { وعلى الله قَصْدُ السبيل وَمِنْهَا جَآئِرٌ } [ النحل : 9 ] ، وتقدم جوابهم .