الآية 12 : وقوله تعالى : { إن علينا للهدى } هذا يخرج على وجوه :
أحدهما : جائز أن يكون { علينا } أي لنا ، وذلك جائز في اللغة جار كقوله تعالى : { وما ذبح على النصب } ( المائدة : 3 ) أي للنصب وكقوله تعالى : { وعلينا الحساب } ( الرعد : 40 ) وكقوله{[23736]} : { ثم إن علينا حسابهم } ( الغاشية : 26 ) أي لنا محاسبتهم ( وكقوله ){[23737]} { وعلى الله قصد السبيل } ( النحل : 9 ) أي لله قصد السبيل وكقوله تعالى : { ولو ترى إذ وقفوا على ربهم } ( الأنعام : 30 ) أي لربهم كما قال : { يوم يقوم الناس لرب العالمين } ( المطففين : 6 ) .
ونحو ذلك كثير : أن يكون علينا بمعنى لنا ، فيصير كأنه قال ، إن لنا للهدى كقوله : { لا لله الدين الخالص } ( الزمر : 3 ) وكقوله : { وله الدين واصبا } ( النحل : 52 ) يكون فيه إخبار أن الهدى والدين الخالص له . وأما سائر الأديان فهي{[23738]} سبيل الشيطان ، ليست لله تعالى .
على هذا جائز أن يخرج تأويل الآية . والوجهان يخرجان على حقيقة على . لكن أحدهما يخرج ذكر الهدى على إرادة البيان في تبيين الطريق ، والآخر على إرادة حقيقة الهدى ( الذي ){[23739]} هو ضد الكفر ومقابله .
فأما على إرادة البيان فكأنه قال : إن علينا غاية البيان في حق الحكمة والعدل في ما يمتحنون حتى إن كان التقصير والتفريط فإنما يكون من قبل أنفسهم لا من قبل الله تعالى ، أو يبين لهم كل شيء غاية البيان ونهايته لتزول الشبهة عنهم ، والله أعلم .
( والثاني : جائز ){[23740]} أن يقول : إن علينا هداية من استهدانا{[23741]} واجتهد في طلبها كقوله تعالى : { والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا } ( العنكبوت : 69 ) .
( والثالث ){[23742]} : أن علينا إنجاز ما وعدنا على الهدى لمن اهتدى .
وإنجازه{[23743]} يخرج تأويل الآية على أن إرادة البيان من الوجوه التي ذكرنا . وأما على إرادة حقيقة الهدى الذي هو مقابل الكفر فكأنه قال : إن علينا التوفيق والمعونة والعصمة في حق الإحسان والإفضال لا على أن ذلك عليه لهم .
وفي حرف ابن مسعود رضي الله عنه : إن علينا بيان ما للآخرة والأولى كيلا يزلّ{[23744]} عن قصد الطريق ، فتهلك نفسه في كل مضيق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.