تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ} (24)

{ 24 } { أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا }

أي : فهلا يتدبر هؤلاء المعرضون لكتاب الله ، ويتأملونه حق التأمل ، فإنهم لو تدبروه ، لدلهم على كل خير ، ولحذرهم من كل شر ، ولملأ قلوبهم من الإيمان ، وأفئدتهم من الإيقان ، ولأوصلهم إلى المطالب العالية ، والمواهب الغالية ، ولبين لهم الطريق الموصلة إلى الله ، وإلى جنته ومكملاتها ومفسداتها ، والطريق الموصلة إلى العذاب ، وبأي شيء تحذر ، ولعرفهم بربهم ، وأسمائه وصفاته وإحسانه ، ولشوقهم إلى الثواب الجزيل ، ورهبهم من العقاب الوبيل .

{ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا } أي : قد أغلق على ما فيها من الشر وأقفلت ، فلا يدخلها خير أبدا ؟ هذا هو الواقع .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ ٱلۡقُرۡءَانَ أَمۡ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقۡفَالُهَآ} (24)

قوله تعالى : { أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها 24 إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سوّل لهم وأملى لهم 25 ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم 26 فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم 27 ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم } .

يأمر الله عباده أن يتدبروا القرآن فيفهموا ما فيه من الآيات والأحكام والدلائل ، محذرا عاقبة الإعراض عن هذا الكتاب الحكيم ، فإنه لا يعرض عن تدبر آيات الله إلا من ران على قلبه الضلال والغشاوة والعمى ، وسول له الشيطان الجحود والعصيان . فقال سبحانه : { أفلا يتدبرون القرآن } الاستفهام للإنكار . والمعنى : أفلا يتفهمون القرآن فيعلموا ما فيه من المواعظ والأدلة والبراهين ، فيستيقنوا أنه الحق من ربهم . { أم على قلوب أقفالها } الأقفال ، جمع قفل ، بالضم ثم السكون . أقفل الباب وقفّل الأبواب تقفيلا . مثل أغلق وغلّق{[4240]} . والمعنى : بل على قلوبهم أقفالها فهم لا يفهمون ولا يتدبرون ما أنزل الله في كتابه من الآيات والعبر ، فهم بذلك لا يفضي الإيمان إلى قلوبهم بما عليها من الختم والإقفال .


[4240]:مختار الصحاح ص 546 والمصباح المنير جـ 2 ص 171.