تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن يُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ فَلَا تَبۡتَئِسۡ بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ} (36)

وقوله : { وَأُوحِيَ إِلَى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ } أي : قد قسوا ، { فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ } أي : فلا تحزن ، ولا تبال بهم ، وبأفعالهم ، فإن الله قد مقتهم ، وأحق عليهم عذابه الذي لا يرد .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَأُوحِيَ إِلَىٰ نُوحٍ أَنَّهُۥ لَن يُؤۡمِنَ مِن قَوۡمِكَ إِلَّا مَن قَدۡ ءَامَنَ فَلَا تَبۡتَئِسۡ بِمَا كَانُواْ يَفۡعَلُونَ} (36)

عطف على جملة { قالوا يا نوح قد جادلتنا } [ هود : 32 ] أي بعد ذلك أوحي إلى نوح عليه السّلام { أنّه لن يؤمن من قومك إلاّ من قد آمن } .

واسم ( أن ) ضمير الشأن دال على أن الجملة بعده أمرهم خطير لأنها تأييس له من إيمان بقية قومه كما دل حرف { لن } المفيد تأبيد النفي في المستقبل ، وذلك شديد عليه ولذلك عقب بتسليته بجملة { فلا تبتئس بما كانوا يفعلون } فالفاء لتفريع التسلية على الخبر المحزن .

والابتئاس افتعال من البؤس وهو الهم والحزن ، أي لا تحزن .

ومعنى الافتعال هنا التأثر بالبؤس الذي أحدثه الخبر المذكور . { بما كانوا يفعلون } هو إصرارهم على الكفر واعتراضهم عن النظر في الدعوة إلى وقت أن أوحي إليه هذا . قال الله تعالى حكاية عنه : { فلم يزدهم دعائي إلاّ فِراراً وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم وأصروا واستكبروا استكباراً } [ نوح : 6 ، 7 ] .

وتأكيد الفعل ب { قَد } في قوله : { من قَد آمن } للتنصيص على أن المراد من حصل منهم الإيمان يقيناً دون الذين ترددوا .