تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كُلّٗا نُّمِدُّ هَـٰٓؤُلَآءِ وَهَـٰٓؤُلَآءِ مِنۡ عَطَآءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا} (20)

ومع هذا فلا يفوتهم نصيبهم من الدنيا فكلا يمده الله منها لأنه عطاؤه وإحسانه .

{ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا } أي : ممنوعا من أحد بل جميع الخلق راتعون بفضله وإحسانه .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كُلّٗا نُّمِدُّ هَـٰٓؤُلَآءِ وَهَـٰٓؤُلَآءِ مِنۡ عَطَآءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا} (20)

تذييل لآية { من كان يريد العاجلة إلى آخرها } [ الإسراء : 18 ] .

وهذه الآية فذلكة للتنبيه على أن الله تعالى لم يترك خلقه من أثر رحمته حتى الكفرة منهم الذين لا يؤمنون بلقائه فقد أعطاهم من نعمة الدنيا على حسب ما قدر لهم وأعطى المؤمنين خيري الدنيا والآخرة . وذلك مصداق قوله : { ورحمتي وسعت كل شيء } [ الأعراف : 156 ] وقوله فيما رواه عنه نبيُّه إن رحمتي سبقت غضبي .

وتنوين { كلا } تنوين عوض عن المضاف إليه ، أي كل الفريقين ، وهو منصوب على المفعولية لفعل { نمد } .

وقوله : { هؤلاء وهؤلاء } بدل من قوله : { كلا } بدل مفصل من مجمل .

ومجموع المعطوف والمعطوف عليه هو البدل كقول النبي صلى الله عليه وسلم « اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر » . والمقصود من الإبدال التعجيب من سعة رحمة الله تعالى .

والإشارة ب { هؤلاء } في الموضعين إلى من كان يريد العاجلة ومن أراد الآخرة . والأصل أن يكون المذكور أولَ عائداً إلى الأول إلا إذا اتصل بأحد الاسمين ما يعين معاده . وقد اجتمع الأمران في قول المتلمس :

ولا يقيم على ضَيم يراد به *** إلا الأذلان عير الحي والوَتد

هذا على الخسْف مربوط برُمته *** وذا يشج فلا يرثي له أحد

والإمداد : استرسال العطاء وتعاقبه . وجعل الجديد منه مدداً للسالف بحيث لا ينقطع .

وجملة { وما كان عطاء ربك محظوراً } اعتراض أو تذييل ، وعطاء ربك جنس العطاء ، والمحظور : الممنوع ، أي ما كان ممنوعاً بالمرة بل لكل مخلوق نصيب منه .