فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{كُلّٗا نُّمِدُّ هَـٰٓؤُلَآءِ وَهَـٰٓؤُلَآءِ مِنۡ عَطَآءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا} (20)

ثم بين سبحانه كمال رأفته وشمول رحمته فقال : { كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبّكَ } التنوين في «كلاً » عوض عن المضاف إليه ، والتقدير كل واحد من الفريقين نمدّ ، أي : نزيده من عطائنا على تلاحق من غير انقطاع ، نرزق المؤمنين والكفار ، وأهل الطاعة وأهل المعصية ، لا تؤثر معصية العاصي في قطع رزقه ، وما به الإمداد هو ما عجله لمن يريد الدنيا ، وما أنعم به في الأولى والأخرى على من يريد الآخرة ، وفي قوله : { مِنْ عَطَاء رَبّكَ } إشارة إلى أن ذلك بمحض التفضل وهو متعلق ب{ نمد } ، { وَمَا كَانَ عَطَاء رَبّكَ مَحْظُورًا } أي : ممنوعاً ، يقال : حظره يحظره حظراً : منعه ، وكل ما حال بينك وبين شيء ، فقد حظره عليك ، و{ هؤلاء } بدل من «كلا » وهؤلاء معطوف على البدل . قال الزجاج : أعلم الله سبحانه أنه يعطي المسلم [ و ] الكافر وأنه يرزقهما جميعاً الفريقين فقال : { هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبّكَ } .

/خ24