فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{كُلّٗا نُّمِدُّ هَـٰٓؤُلَآءِ وَهَـٰٓؤُلَآءِ مِنۡ عَطَآءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا} (20)

{ كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا ( 20 ) }

ثم بين سبحانه كمال رأفته وشمول رحمته فقال : { كُلاًّ } أي كل واحد من الفريقين ، من يريد الدنيا ومن يريد الآخرة { نُّمِدُّ } أي نزيده من عطائنا على تلاحق من غير انقطاع { هَؤُلاء وَهَؤُلاء } بدل من المفعول وهو { كلا } فكأنه قيل نمد هؤلاء وهؤلاء الأول للأول والثاني للثاني فهو لف ونشر مرتب ، أي نرزق الكفار والمؤمنين وأهل المعصية وأهل الطاعة ، لا نؤثر معصية العاصي في قطع رزقه ، وما به الإمداد هو ما عجله لمن يريد الدنيا وما أنعم به في الأولى والأخرى على من يريد الآخرة .

وفي قوله : { مِنْ عَطَاء رَبِّكَ } إشارة إلى أن ذلك بمحض التفضل ، وهو متعلق بنمد { وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا } أي ممنوعا عن أحد ، قاله الضحاك .

يقال حظره يحظره منعه ، وكل ما حال بينك وبين شيء فقد حظره عليك ، والمراد بالعطاء العطاء في الدنيا كالرزق والجاه إذ لا حظ للكافي في الآخرة .

قال الزجاج : علم الله سبحانه أنه يعطي المسلم والكافر وأنه يرزقهم جميعا . وقال الحسن : كل يرزقه الله في الدنيا البر والفاجر وقال ابن عباس : يرزق الله من أراد الدنيا ويرزق من أراد الآخرة .