البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{كُلّٗا نُّمِدُّ هَـٰٓؤُلَآءِ وَهَـٰٓؤُلَآءِ مِنۡ عَطَآءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا} (20)

حظرت الشيء منعته .

وانتصب { كلا } بنمد والإمداد المواصلة بالشيء ، والمعنى كل واحد من الفريقين { نمد } كذا قدره الزمخشري : وأعربوا { هؤلاء } بدلاً من { كلا } ولا يصح أن يكون بدلاً من كل على تقدير كل واحد لأنه يكون إذ ذاك بدل كل من بعض ، فينبغي أن يكون التقدير كل الفريقين فيكون بدل كل من كل على جهة التفصيل .

والظاهر أن هذا الإمداد هو في الرزق في الدنيا وهو تأويل الحسن وقتادة ، أي إن الله يرزق في الدنيا مريدي العاجلة الكافرين ، ومريدي الآخرة المؤمنين ويمد الجميع بالرزق ، وإنما يقع التفاوت في الآخرة ويدل على هذا التأويل { وما كان عطاء ربك محظوراً } أي إن رزقه لا يضيق عن مؤمن ولا كافر .

وعن ابن عباس أن معنى { من عطاء ربك } من الطاعات لمريد الآخرة والمعاصي لمريد العاجلة ، فيكون العطاء عبارة عما قسم الله للعبد من خير أو شر ، وينبوا لفظ العطاء على الإمداد بالمعاصي .