تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{كُلّٗا نُّمِدُّ هَـٰٓؤُلَآءِ وَهَـٰٓؤُلَآءِ مِنۡ عَطَآءِ رَبِّكَۚ وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ مَحۡظُورًا} (20)

الآية20 : وقوله تعالى : { كلا نمد هؤلاء وهؤلاء } أي( المؤمنين والكافرين ، نعطي هؤلاء وهؤلاء ){[10748]} أي لا نحرم من العاجلة من أراد الآخرة . يخبر أولئك الكفرة بكفرهم بالآخرة أنه ليس يعطي الدنيا وسعتها لمن يكفر بالآخرة ، ولكن يعطي من كفر بها ، ومن آمن بها لئلا يحملهم ذلك على حبهم الدنيا وطلب العز والشرف فيها على كفرهم بالآخرة حين{[10749]} قال : { كلا نمد هؤلاء وهؤلاء } أي يعطي المؤمن والكافر والبر والفاجر .

وقوله تعالى : { وما كان عطاء ربك محظورا } أي رزقك ربك وفضله محظورا . قال بعضهم : محبوسا وممنوعا .

وقال بعضهم : محظورا أي منقوصا ، فهو في الآخرة ، أي لا ينقصون في الآخرة من جزائهم .

وروي في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه{[10750]} قال : ( إن الله يعطي الدنيا على نية الآخرة ، ولا يعطي الآخرة على نية الدنيا )( كنز العمال 6056 )

وعن الحسن ( أنه ){[10751]} قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إذا كان العبد همه الآخرة ، كفى الله له في صنعته وجعل غناه في قلبه . وإن كان همه الدنيا أفشى الله عليه صنعته ، وجعل فقره بين عينيه ، فلا يمسي إلا فقيرا ، ولا يصبح إلا فقيرا ) ( بنحوه الترمذي2465 ) .

وقوله تعالى : { من كان يريد العجلة عجلنا له فيها ما نشاء لمن نريد } وأما من كان يريد العاجلة للآخرة فهو ليس بمذموم ، فهو ما ذكر في قوله : { فأولئك كان سعيهم مشكورا } وهو ما قال : { من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم } الآية( هود : 15 ) وقوله : { اعلموا أنما الحياة الدنيا لعب ولهو }( الحديد : 20 )( الحياة الدنيا لعب ولهو ){[10752]} . وأما من أرد الحياة الدنيا للآخرة ، فهو ليس بلعب ولهو ، لأن الدنيا لم تنشأ لنفسها وإنما أنشئت للآخرة . فمن رآها لها ، وأرادها لنفسها ، فهو لعب ولهو ، ومن رآها للآخرة ، فهو ليس بلعب ولا لهو .


[10748]:في الأصل و.م: المؤمن والكافر، نعطي هذا وهذا.
[10749]:في الأصل و.م: حيث.
[10750]:ساقطة من الأصل و.م.
[10751]:ساقطة من الأصل و.م.
[10752]:ساقطة من م.