تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ ٱلۡقَيِّمِ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا مَرَدَّ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۖ يَوۡمَئِذٖ يَصَّدَّعُونَ} (43)

{ 43 - 45 } { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ * مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ * لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ }

أي : أقبل بقلبك وتوجه بوجهك واسع ببدنك لإقامة الدين القيم المستقيم ، فنفذ أوامره ونواهيه بجد واجتهاد وقم بوظائفه الظاهرة والباطنة . وبادر زمانك وحياتك وشبابك ، { مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ } وهو يوم القيامة الذي إذا جاء لا يمكن رده ولا يرجأ العاملون أن يستأنفوا{[654]} العمل بل فرغ من الأعمال لم يبق إلا جزاء العمال . { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } أي : يتفرقون عن ذلك اليوم ويصدرون أشتاتا متفاوتين لِيُرَوْا أعمالهم .


[654]:- في ب: ليستأنفوا.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ ٱلۡقَيِّمِ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا مَرَدَّ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۖ يَوۡمَئِذٖ يَصَّدَّعُونَ} (43)

قوله تعالى : { فأقم وجهك للدين القيم } المستقيم وهو دين الإسلام { من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله } يعني : يوم القيامة ، لا يقدر أحد على رده من الله ، { يومئذ يصدعون } أي : يتفرقون فريق في الجنة وفريق في السعير .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَأَقِمۡ وَجۡهَكَ لِلدِّينِ ٱلۡقَيِّمِ مِن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَ يَوۡمٞ لَّا مَرَدَّ لَهُۥ مِنَ ٱللَّهِۖ يَوۡمَئِذٖ يَصَّدَّعُونَ} (43)

قوله تعالى : " فأقم وجهك للدين القيم " قال الزجاج : أي أقم قصدك ، واجعل جهتك اتباع الدين القيم ، يعني الإسلام . وقيل : المعنى أوضح الحق وبالغ في الإعذار ، واشتغل بما أنت فيه ولا تحزن عليهم . " من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله " أي لا يرده الله عنهم ، فإذا لم يرده لم يتهيأ لأحد دفعه . ويجوز عند غير سيبويه " لا مرد له " وذلك عند سيبويه بعيد ، إلا أن يكون في الكلام عطف . والمراد يوم القيامة .

قوله تعالى : " يومئذ يصدعون " قال ابن عباس : معناه يتفرقون . وقال الشاعر :

وكنا كنَدْمانَي جَذيمة حِقْبَةً *** من الدهر حتى قيل لن يتصدعا{[12528]}

أي لن يتفرقا ، نظيره قوله تعالى : " يومئذ يتفرقون " [ الروم : 14 ] " فريق في الجنة وفريق في السعير " . والأصل يتصدعون ، ويقال : تصدع القوم إذا تفرقوا ، ومنه اشتق الصداع ، لأنه يفرق شعب الرأس .


[12528]:البيت لمتمم بن نويرة اليربوعي من قصيدة يرثي بها أخاه مالكا مطلعها: لعمري وما دهري بتأبين هالك *** ولا جزع مما أصاب فأوجعا وقوله:" كندماني جذيمة" يعني جذيمة الأبرش وكان ملكا. ونديماه: يقال لهما مالك وعقيل. ويضرب بهما المثل لطول ما نادماه، فقد نادماه أربعين سنة ما أعادا عليه حديثا.