تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِيٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ} (21)

ووعد لمن آمن به ، وبرسله ، واتبع ما جاء به المرسلون ، فصار من حزب الله المفلحين ، أن لهم الفتح والنصر والغلبة في الدنيا والآخرة ، وهذا وعد لا يخلف ولا يغير ، فإنه من الصادق القوي العزيز الذي لا يعجزه شيء يريده .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِيٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ} (21)

{ كتب الله }في اللوح { لأغلبن أنا ورسلي } أي بالحجة وقرأ نافع وابن عامر رسلي بفتح الياء { إن الله قوي }على نصر أنبيائه { عزيز }لا يغلب عليه شيء في مراده .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِيٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ} (21)

وجملة { كتب الله لأغلبن } علة لجملة { أولئك في الأذلين } أي لأن الله أراد أن يكون رسوله صلى الله عليه وسلم غالباً لأعدائه وذلك من آثار قدرة الله التي لا يغلبها شيء وقد كتب لجميع رسله الغلبة على أعدائهم ، فغلبتهم من غلبة الله إذ قدرة الله تتعلق بالأشياء على وفق إرادته وإرادة الله لا يغيّرها شيء ، والإِرادة تجري على وفق العلم ومجموع توارد العلم والإِرادة والقدرة على الموجود هو المسمى بالقضاء . وهو المعبر عنه هنا ب { كتب الله } لأن الكتابة استعيرت لمعنى : قضى الله ذلك وأراد وقوعه في الوقت الذي علمه وأراده فهو محقق الوقوع لا يتخلف مثل الأمر الذي يراد ضبطه وعدم الإِخلال به فإنه يكتب لكِي لا ينسى ولا ينقص منه شيء ولا يجحد التراضي عليه .

فثبت لرسوله صلى الله عليه وسلم الغلبة لشمول ما كتبه الله لرسله إياه وهذا إثبات لغلبة رسوله أقواماً يحادُّونه بطريق برهاني .

فجملة { لأغلبن } مصوغة صيغة القول ترشيحاً لاستعارة { كتب } إلى معنى قضى وقدر . والمعنى : قضى مدلول هذه الجملة ، أي قضى بالغلبة لله ورسوله صلى الله عليه وسلم فكأن هذه الجملة هي المكتوبة من الله . والمراد : الغلبة بالقوة لأن الكلام مسوق مساق التهديد . وأما الغلبة بالحجة فأمر معلوم .

وجملة { إن الله قوي عزيز } تعليل لجملة { لأغلبن } لأن الذي يغالب الغالب مغلوب . قال حسان :

زعمت سَخينةُ أنْ ستغلبُ ربّها *** وليُغْلَبَنّ مُغالب الغلاّب