تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ طُوبَىٰ لَهُمۡ وَحُسۡنُ مَـَٔابٖ} (29)

ثم قال تعالى : { الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } أي : آمنوا بقلوبهم بالله وملائكته ، وكتبه ورسله واليوم الآخر ، وصدقوا هذا الإيمان بالأعمال الصالحة ، أعمال القلوب كمحبة الله وخشيته ورجائه ، وأعمال الجوارح كالصلاة ونحوها ،

{ طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ } أي : لهم حالة طيبة ومرجع حسن .

وذلك بما ينالون من رضوان الله وكرامته في الدنيا والآخرة ، وأن لهم كمال الراحة وتمام الطمأنينة ، ومن جملة ذلك شجرة طوبى التي في الجنة ، التي يسير الراكب في ظلها مائة عام ما يقطعها ، كما وردت بها الأحاديث الصحيحة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ طُوبَىٰ لَهُمۡ وَحُسۡنُ مَـَٔابٖ} (29)

{ الذين آمنوا وعملوا الصالحات } مبتدأ خبره . { طوبى لهم } وهو فعلى من الطيب قلبت ياؤه واوا لضمة ما قبلها مصدر لطاب كبشرى وزلفى ، ويجوز فيه الرفع والنصب ولذلك قرئ . { وحُسن مآب } بالنصب .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ طُوبَىٰ لَهُمۡ وَحُسۡنُ مَـَٔابٖ} (29)

و { الذين } الثاني ابتداء وخبره : { طوبى لهم } ويصح أن يكون { الذين } بدلاً من الأول . و { طوبى } ابتداء و { لهم } خبره . و { طوبى } اسم ، يدل على ذلك كونه ابتداء . وهي فعلى من الطيب في قول بعضهم ، وذهب سيبويه بها مذهب الدعاء وقال : هي في موضع رفع ، ويدل على ذلك رفع { وحسن }{[6963]} . وقال ثعلب : { طوبى } مصدر . وقرىء «وحسنَ بالنصب ف { طوبى } على هذا مصدر كما قالوا : سقياً لك ، ونظيره من المصادر الرجعى والعقبى . قال ابن سيده : والطوبى جمع طيبة عن كراع . ونظيره كوسى في جمع كيسة وضوفى في جمع ضيفة .

قال القاضي أبو محمد : والذي قرأ : » وحسنَ «بالنصب هو يحيى بن يعمر وابن أبي عبلة واختلف في معنى { طوبى } فقيل : خير لهم ، وقال عكرمة : معناه نعم ما لهم ، وقال الضحاك : معناه : غبطة لهم . وقال ابن عباس : { طوبى } : اسم الجنة بالحبشية ، وقال سعيد بن مسجوع : اسم الجنة { طوبى } بالهندية ، وقيل { طوبى } : اسم شجرة في الجنة - وبهذا تواترت الأحاديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «طوبى : شجرة في الجنة ، يسير الراكب المجدّ في ظلها مائة عام لا يقطعها ، اقرؤوا إن شئتم { وظل ممدود }{[6964]} [ الواقعة : 30 ] » . وحكى الطبري عن أبي هريرة وعن مغيث بن سميّ وعتبة بن عبد يرفعه أخباراً مقتضاها : أن هذه الشجرة ليس دار في الجنة إلا وفيها من أغصانها ، وأنها تثمر بثياب أهل الجنة ، وأنه يخرج منها الخيل بسروجها ولجمها ونحو هذا مما لم يثبت سنده .

و » المآب « : المرجع من آب يؤوب . ويقال في { طوبى } طيبى .


[6963]:وكما يقال في الكلام: "ويل لعمرو" ، وإنما أوثر الرفع في "طوبى" لحسن الإضافة فيه بغير لام، وذلك أنه يقال: طوباك، كما يقال: ويلك وويبك، ولولا حسن الإضافة فيه بغير لام لكان النصب فيه أحسن وأفصح، كما أن النصب في قولهم: "تعسا لزيد وبعدا له وسحقا" أحسن، إذ كانت الإضافة فيه بغير لام لا تحسن.
[6964]:قال في "فتح القدير": ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أنس رضي الله عنه ... وساق الحديث. والأحاديث متواترة في أن (طوبى) شجرة في الجنة، لكن بعض الروايات تريد أخبارا قال عنها ابن عطية: "إنها مما لا يثبت سندها". وقوله تعالى: {وظل ممدود} هو الآية (30) من سورة (الواقعة).
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ طُوبَىٰ لَهُمۡ وَحُسۡنُ مَـَٔابٖ} (29)

طوبى : مصدر من طاب طيباً إذا حسن ، وهي بوزن البُشرى والزلفى ، قلبت ياؤها واواً لمناسبة الضمة ، أي لهم الخير الكامل لأنهم اطمأنت قلوبهم بالذكر ، فهم في طيب حال : في الدنيا بالاطمئنان ، وفي الآخرة بالنعيم الدائم وهو حسن المئاب وهو مرجعهم في آخر أمرهم .

وإطلاق المآب عليه باعتبار أنه آخرُ أمرهم وقرارهم كما أن قرار المرء بيته يرجع إليه بعد الانتشار منه . على أنه يناسب ما تقرر أن الأرواح من أمر الله ، أي من عالم الملكوت وهو عالم الخلد فمصيرها إلى الخلد رجوع إلى عالمها الأول . وهذا مقابل قوله في المشركين { ولهم سوء الدار } .

واللام في قوله : { لهم } للملك .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ طُوبَىٰ لَهُمۡ وَحُسۡنُ مَـَٔابٖ} (29)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم أخبر بثوابهم، فقال: {الذين ءامنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم}، يعني: حسنى لهم... {وحسن مئاب}، يعني وحسن مرجع...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

قوله:"الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ"، الصالحات من الأعمال، وذلك العمل بما أمرهم ربهم، "طُوَبى لَهُمْ"...

وقد اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: "طُوبَى لَهُمْ"؛

فقال بعضّهم: معناه: نِعْمَ ما لَهم...

وقال آخرون: معناه: غبْطةٌ لهم...

وقال آخرون: معناه: فَرَح وقرّة عين...

وقال آخرون: معناه: حُسْنَى لهم... يقول الرجل: طُوَبى لك: أي أصبتَ خيرا.

وقال آخرون: معناه: خير لهم...

وقال آخرون: "طُوَبى لَهُمْ "اسم من أسماء الجنة، ومعنى الكلام: الجنة لهم...

وقال آخرون: "طُوَبى لَهُمْ": شجرة في الجنة.

وأما قوله: "وَحُسْنُ مآبٍ" فإنه يقول: وحُسن منقلب...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

وقال بعضهم: (طوبى) كلمة مدح الله بها ثوابهم، وغبطهم بها. وقال بعضهم: (طوبى) كرامة أعدها الله لأوليائه...

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

فكأنه أخبر أن الذين يؤمنون بالله ويعترفون بوحدانيته ويصدقون نبيه، ويعملون بما أوجبه عليهم من الطاعات، ويجتنبون ما نهاهم عنه من المعاصي "طوبى لهم"... قال الجبائي: تأنيث الأطيب من صفة الجنة، والمعنى إنها أطيب الأشياء لهم...

قال الزجاج: المعنى: العيش الأطيب لهم...

"وحسن مآب "فالمآب: المرجع يقال: آب يؤب أوبا ومآبا إذا رجع، وسمي المثوى في الآخرة مآبا ومنقلبا لأن العباد يصيرون إليه، كما يصيرون إلى ما كانوا انصرفوا عنه، والحسن: النفع الذي يتقبله العقل، وقد يجري على ما تتقبله النفس، كما يجري القبح الذي هو نقيضه على ما ينافره الطبع، والمعنى: إن لهم طوبى ولهم حسن مآب...

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

طابت أوقاتُهم وطابت نفوسُهم. ويقال طوبى لمن قال له الحقُّ: طوبى. طوبى لهم في الحال، وحُسْنُ المآب في المآل...

الجامع لأحكام القرآن للقرطبي 671 هـ :

قلت: والصحيح أنها شجرة؛ للحديث المرفوع الذي ذكرناه، وهو صحيح على ما ذكره السهيلي، ذكره أبو عمر في التمهيد، ومنه نقلناه، وذكره أيضا الثعلبي في تفسيره، وذكر أيضا المهدوي والقشيري عن معاوية بن قرة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (طوبى شجرة في الجنة غرسها الله بيده ونفخ فيها من روحه تنبت الحلي والحلل وإن أغصانها لترى من وراء سور الجنة).

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(الذين آمنوا وعملوا الصالحات طوبى لهم وحسن مآب).. طوبى على وزن كبرى من طاب يطيب للتفخيم والتعظيم. وحسن مآب إلى الله الذي أنابوا إليه في الحياة...

.

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

طوبى: مصدر من طاب طيباً إذا حَسُن... أي لهم الخير الكامل لأنهم اطمأنت قلوبهم بالذكر، فهم في طيب حال: في الدنيا بالاطمئنان، وفي الآخرة بالنعيم الدائم وهو حسن المئاب وهو مرجعهم في آخر أمرهم.

وإطلاق المآب عليه باعتبار أنه آخرُ أمرهم وقرارهم كما أن قرار المرء بيته يرجع إليه بعد الانتشار منه. على أنه يناسب ما تقرر أن الأرواح من أمر الله، أي من عالم الملكوت وهو عالم الخلد فمصيرها إلى الخلد رجوع إلى عالمها الأول. وهذا مقابل قوله في المشركين {ولهم سوء الدار}.

واللام في قوله: {لهم} للملك.

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

وطوبى من الشيء الطيب؛ أي: سيلاقون شيئاً طيباً في كل مظاهره: شكلاً ولوناً وطعماً ومزاجاً وشهوة، فكل ما يشتهيه الواحد منهم سيجده طيباً؛ وكأن الأمر الطيب موجوداً لهم. وقول الحق سبحانه: {وحسن مآب} أي: حسن مرجعهم إلى من خلقهم أولاً...

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :

كثير من المفسّرين قالوا: إنّ كلمة «طوبى» مؤنّث «أطيب»، وبما أنّ المتعلّق محذوف فإنّ للكلمة مفهوماً واسعاً وغير محدود، ونتيجة طوبى لهم هو أن تكون لهم أفضل الأشياء: أفضل الحياة والمعيشة، وأفضل النعم والراحة، وأفضل الألطاف الإلهيّة، وكلّ ذلك نتيجة الإيمان والعمل الصالح لأولئك الراسخين في عقيدتهم والمخلصين في عملهم...