تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ} (5)

أنه يوسوس في صدور الناس ، فيحسن [ لهم ] الشر ، ويريهم إياه في صورة حسنة ، وينشط إرادتهم لفعله ، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه ، ويريهم إياه في صورة غير صورته ، وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي : يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه .

فينبغي له أن [ يستعين و ] يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم .

وأن الخلق كلهم ، داخلون تحت الربوبية والملك ، فكل دابة هو آخذ بناصيتها .

وبألوهيته التي خلقهم لأجلها ، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم ، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ، ويحول بينهم وبينها ، ويريد أن يجعلهم من حزبه ، ليكونوا من أصحاب السعير .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{ٱلَّذِي يُوَسۡوِسُ فِي صُدُورِ ٱلنَّاسِ} (5)

{ الذي يوسوس في صدور الناس } وسوسة الشيطان في صدر الإنسان بأنواع كثيرة : منها إفساد الإيمان ، والتشكيك في العقائد ، فإن لم يقدر على ذلك أمره بالمعاصي ، فإن لم يقدر على ذلك ثبطه عن الطاعات ، فإن لم يقدر على ذلك أدخل عليه الرياء في الطاعات ليحبطها ، فإن سلم من ذلك أدخل عليه العجب بنفسه ، واستكثار عمله ، ومن ذلك أنه يوقد في القلب نار الحسد والحقد والغضب ، حتى يقود الإنسان إلى شر الأعمال ، وأقبح الأحوال ، وعلاج وسوسته بثلاثة أشياء :

واحدها : الإكثار من ذكر الله .

وثانيها : الإكثار من الاستعاذة بالله منه ، ومن أنفع شيء في ذلك قراءة هذه السورة .

وثالثها : مخالفته والعزم على عصيانه .

فإن قيل : لم قال : { في صدور الناس } ولم يقل : في قلوب الناس ؟ فالجواب أن ذلك إشارة إلى عدم تمكن الوسوسة/ وأنها غير حالة في القلب ؛ بل هي محومة في الصدر حول القلب .