تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِۦ وَيَعۡفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّـَٔاتِ وَيَعۡلَمُ مَا تَفۡعَلُونَ} (25)

{ 25-28 } { وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ * وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ * وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ * وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ }

هذا بيان لكمال كرم الله تعالى وسعة جوده وتمام لطفه ، بقبول التوبة الصادرة من عباده حين يقلعون عن ذنوبهم ويندمون عليها ، ويعزمون على أن لا يعاودوها ، إذا قصدوا بذلك وجه ربهم ، فإن الله يقبلها بعد ما انعقدت سببا للهلاك ، ووقوع العقوبات الدنيوية والدينية .

{ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ } ويمحوها ، ويمحو أثرها من العيوب ، وما اقتضته من العقوبات ، ويعود التائب عنده كريما ، كأنه ما عمل سوءا قط ، ويحبه ويوفقه لما يقر به إليه .

ولما كانت التوبة من الأعمال العظيمة ، التي قد تكون كاملة بسبب تمام الإخلاص والصدق فيها ، وقد تكون ناقصة عند نقصهما ، وقد تكون فاسدة إذا كان القصد منها بلوغ غرض من الأغراض الدنيوية ، وكان محل ذلك القلب الذي لا يعلمه إلا الله ، ختم هذه الآية بقوله : { وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ }

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يَقۡبَلُ ٱلتَّوۡبَةَ عَنۡ عِبَادِهِۦ وَيَعۡفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّـَٔاتِ وَيَعۡلَمُ مَا تَفۡعَلُونَ} (25)

{ وهو الذي يقبل التوبة عن عباده } عن هنا بمعنى : من ، وكأنه قال : التوبة الصادرة من عباده وقبول التوبة على ثلاثة أوجه :

أحدها : التوبة من الكفر فهي مقبولة قطعا .

والثاني : التوبة من مظالم العباد فهي غير مقبولة حتى ترد المظالم أو يستحل منها .

والثالث : التوبة من المعاصي التي بين العبد وبين الله فالصحيح أنها مقبولة بدليل هذه الآية وقيل : إنها في المشيئة .

{ ويعفو عن السيئات } العفو مع التوبة على حسب ما ذكرنا وأما العفو دون التوبة فهو على أربعة أقسام :

الأول : العفو عن الكفر وهو لا يكون أصلا .

الثاني : العفو عن مظالم العباد وهو كذلك .

الثالث : العفو عن الذنوب الصغائر إذا اجتنبت الكبائر وهو حاصل باتفاق .

الرابع : العفو عن الكبائر فمذهب أهل السنة في المشية ومذهب المعتزلة أنها لا تغفر إلا بالتوبة .