تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{لَا تَرۡكُضُواْ وَٱرۡجِعُوٓاْ إِلَىٰ مَآ أُتۡرِفۡتُمۡ فِيهِ وَمَسَٰكِنِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡـَٔلُونَ} (13)

فقيل لهم على وجه التهكم بهم : { لَا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ ْ } أي : لا يفيدكم الركوض والندم ، ولكن إن كان لكم اقتدار ، فارجعوا إلى ما أترفتم فيه ، من اللذات ، والمشتهيات ، ومساكنكم المزخرفات ، ودنياكم التي غرتكم وألهتكم ، حتى جاءكم أمر الله . فكونوا فيها متمكنين ، وللذاتها جانين ، وفي منازلكم مطمئنين معظمين ، لعلكم أن تكونوا مقصودين في أموركم ، كما كنتم سابقا ، مسئولين من مطالب الدنيا ، كحالتكم الأولى ، وهيهات ، أين الوصول إلى هذا ؟ وقد فات الوقت ، وحل بهم العقاب والمقت ، وذهب عنهم عزهم ، وشرفهم ودنياهم ، وحضرهم ندمهم وتحسرهم ؟ .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{لَا تَرۡكُضُواْ وَٱرۡجِعُوٓاْ إِلَىٰ مَآ أُتۡرِفۡتُمۡ فِيهِ وَمَسَٰكِنِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡـَٔلُونَ} (13)

{ لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلَى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ وَمَسَاكِنِكُمْ } هذا تهكم بهم قدرًا أي : قيل لهم قدرًا : لا تركضوا هاربين من نزول العذاب ، وارجعوا إلى ما كنتم فيه من النعمة والسرور ، والمعيشة والمساكن الطيبة .

قال قتادة : استهزاء بهم .

{ لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } أي : عما كنتم فيه من أداء شكر النعمة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{لَا تَرۡكُضُواْ وَٱرۡجِعُوٓاْ إِلَىٰ مَآ أُتۡرِفۡتُمۡ فِيهِ وَمَسَٰكِنِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡـَٔلُونَ} (13)

جملة { لا تركضوا } معترضة وهي خطاب للراكضين بتخيل كونهم الحاضرين المشاهَدين في وقت حكاية قصتهم ، ترشيحاً لمِا اقتضى اجتلاب حرف المفاجأة وهذا كقول مَالك بن الرّيب :

دعَاني الهوى من أهل وُدي وجيرتِي *** بذِي الطبَسيْن فالتفتُّ ورائيا

أي لما دعاه الهوى ، أي ذكّره أحبابَه وهو غازٍ بذي الطّبسين التفتَ وراءه كالذي يدعوه داع من خلفه فتخيل الهوى داعياً وراءه .

وتكون هذه الجملة معترضة بين جملة { فلما أحسوا بأسنا } وبين جملة { قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين } .

ويجوز جعل الجملة مقول قول محذوف خوطبوا به حينئذ بأن سمعوه بخلق من الله تعالى أو من ملائكة العذاب . وهذا ما فسر به المفسرون ويبعده استبعادُ أن يكون ذلك واقعاً عند كل عذاب أصيبت به كل قرية . وأياً ما كان فالكلام تهكم بهم .

والإتراف : إعطاء الترف ، وهو النعيم ورفه العيش ، أي ارجعوا إلى ما أعطيتم من الرفاهية وإلى مساكنكم .

وقوله تعالى { لعلكم تسألون } من جملة التهكم . وذكر المفسرون في معنى { تُسألون } احتمالات ستة . أظهرها : أن المعنى : ارجعوا إلى ما كنتم فيه من النعيم لتروا ما آل إليه فلعلكم يسألكم سائل عن حال ما أصابكم فتعلموا كيف تجيبون لأن شأن المسافر أن يسأله الذين يقدَم إليهم عن حال البلاد التي تركها من خصب ورخاء أو ضد ذلك ، وفي هذا تكملة للتهكم .