التفسير الحديث لدروزة - دروزة  
{لَا تَرۡكُضُواْ وَٱرۡجِعُوٓاْ إِلَىٰ مَآ أُتۡرِفۡتُمۡ فِيهِ وَمَسَٰكِنِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡـَٔلُونَ} (13)

{ وكم قصمنا 1 من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين ( 11 ) فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون ( 12 ) لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسئلون ( 13 ) قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين ( 14 ) فما زالت تلك دعواهم 2 حتى جعلناهم حصيدا خامدين3 ( 15 ) } [ 11-15 ] .

1 قصمنا : حطمنا وسحقنا .

في الآيات :

1- تساؤل يتضمن التنبيه إلى كثرة من صب عليهم عذابه وتدميره من القرى الظالمة وأنشأ بعدهم غيرهم .

2- وبيان لما كان من أمر الذين صب الله عليهم عذابه ؛ حيث حاولوا الفرار من قراهم أملا بالنجاة ، فحيل بينهم وقيل لهم في معرض التبكيت ، بل ارجعوا إلى مساكنكم ، وما كنتم فيه من ترف حتى ينالكم عذاب الله ، فلم يكن منهم إلا أن أخذوا بالعويل والندب واعترفوا بما كان منهم من ظلم وإثم ثم حاق بهم العذاب حتى خمدت منهم الأنفاس وأصبحوا كالزرع المحصود المطروح .

والاتصال قائم بين هذه الآيات وسابقاتها كما هو واضح أيضا . وقد استهدفت إنذار السامعين أو الكفار في بيان أسلوب الله في إهلاك المسرفين الذين أشير إليهم في الآية الأخيرة السابقة .

ولقد ذكر البغوي أن الآيات نزلت في أهل حضر موت قرية باليمن بعث الله إليهم نبيا يدعوهم ، فكذبوه وقتلوه فسلط عليهم الله بختنصر حتى قتلهم وسباهم ، فلما استمر فيهم القتل ندموا وهربوا فقالت لهم الملائكة استهزاء : لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم ، وقد اتبعتم بختنصر وأخذتهم السيوف ، ونادى مناد في جو السماء : يا ثارات الأنبياء ، فلما رأوا ذلك أقروا بذنوبهم حين لم ينفعهم ذلك . ومن المحتمل أن تكون القصة مما كان العرب يتداولونه قبل البعثة ، فشاءت حكمة التنزيل الإشارة إليها والتذكير بها في معرض التنديد والإنذار .