تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{لَا تَرۡكُضُواْ وَٱرۡجِعُوٓاْ إِلَىٰ مَآ أُتۡرِفۡتُمۡ فِيهِ وَمَسَٰكِنِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡـَٔلُونَ} (13)

الآية 13 : وقوله تعالى : { لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه } أي أنعمتم { ومساكنكم } مثل هذا يُخرَّجُ مُخرج الاستهزاء بهم .

وقوله تعالى : { لعلكم تسألون } قال بعضهم : تحاسبون . وقال بعضهم : { لعلكم تسألون } الإيمان كما سألتموه قبل نزول /337- ب/ العذاب . وقيل : { لعلكم تسألون } عن قتل نبيكم لأنهم قتلوا [ نبيهم ؛ تسألون فيم ] {[12548]} قتلتموه ؟

وقال بعضهم : كان هذا في نازلة ، والله أعلم ، تلقتهم الملائكة ، وهو هاربون فارون ، فقالوا لهم : { لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون } استهزاء بهم .

وقال بعضهم : { لعلكم تسألون } تفقهون .

وقال أبو عوسجة : { أضغاث أحلام } [ الأنبياء : 5 ] قال : الضغث ما لا تأويل له . ويقال : حلم وأحلام .

ويقال : حلم يحلم حلما فهو حالم إذا رأى [ حلما أي ] {[12549]} شيئا في النوم ، واحتلم يحتلم لا يكون مثل : حلم يحلم ، ويقال من الحلم حلم [ يحلم ] {[12550]} حلما فهو حليم . ويقال : حلمته أي جعلته حليما . والافتراء الكذب ، والشاعر إنما سمي شاعرا لأنه يشعر من الكلام مالا يشعر به غيره . والقصم الكسر ، والمراد منه الهلاك ؛ قصم غيره ، وانقصم بنفسه أي انكسر .

وقال : أحسوا ، أي استيقنوا بعذابنا ، ويقال : أحسست ، أي وجدت ، وأحسست ، أي علمت ، واستيقنت . يقال : أحسست ؛ قطعت ، وتحسست ، أي تَخَبَّرتُ ، والمِحَسَّةُ الفِرْجُونُ .

وقال : يركضون يهربون { إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون } أي أنعمتم ، ومتعتم ، والإتراف الإكرام .

وقال أبو عبيدة : يركضون يعدون ، وقوله { لا تركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه ومساكنكم لعلكم تسألون } ليس على الأمر ، ولكن أي لو رجعتم { إلى ما أترفتم فيه } . وكذلك { فسيروا في الأرض فانظروا } [ النمل : 36 ، . . . ] ليس على الأمر ، ولكن لو سرتم { فانظروا } فعلى ذلك قوله : { وارجعوا إلى ما أترفتم فيه } أي لو رجعتم { لعلكم تسألون } [ عما أترفتم فيه ]{[12551]}من قبل . فيخرج ذلك مخرج الاستهزاء جزاء لصنيعهم ، والله أعلم .


[12548]:من م، ساقطة من الأصل.
[12549]:ساقطة من م.
[12550]:ساقطة من الأصل و م.
[12551]:ساقطة من الأصل و م.