اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{لَا تَرۡكُضُواْ وَٱرۡجِعُوٓاْ إِلَىٰ مَآ أُتۡرِفۡتُمۡ فِيهِ وَمَسَٰكِنِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡـَٔلُونَ} (13)

«لا تَرْكُضُوا » أي : قيل لهم : لا تركضوا ، أي لا تهربوا . قال الزمخشري : القول محذوف ، فإن قلت : من القائل ؟ قلت : يحتمل أن يكون بعض الملائكة ، أو من{[27921]} ثم من المؤمنين ، أو يكون خلقاء بأن يقال لهم ذلك وإن لم يقل ، أو بقوله رب العزة ويسمعه ملائكته لينفهم في دينهم{[27922]} . أو يلهمهم ذلك فيحدثوا به نفوسهم{[27923]} .

وقوله : { وارجعوا إلى مَآ أُتْرِفْتُمْ } من العيش الرافه والحال الناعمة . والإتراف انتظار النعمة ، وهي الترفه . وقوله : «لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونََ » تهكم بهم وتوبيخ{[27924]} .

قال ابن عباس : تسألون عن قتل نبيكم{[27925]} . وقال غيره : هذا التهكم يحتمل وجوهاً :

الأول : ارجعوا إلى نعمتكم ومساكنكم لعلكم تسألون عما جرى عليكم ونزل بأموالكم ومساكنكم ، فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة .

الثاني : ارجعوا واجلسوا كما كنتم في مجالسكم حتى تسألكم عبيدكم ومن ينفذ فيه أمركم ونهيكم ، ويقولوا لكم : بم تأمرون ، وماذا ترسمون كعادة المخدومين .

الثالث : تسألكم الناس ما في أيديكم ويستشيرونكم في المهمات{[27926]} .


[27921]:في النسختين: ومن. والتصويب من الكشاف.
[27922]:دينهم: سقط من الأصل.
[27923]:الكشاف 3/5.
[27924]:أي أن الأمر خرج من معناه الحقيقي إلى المعنى المجازي وهو التهكم والتوبيخ.
[27925]:انظر البغوي 5/477.
[27926]:انظر الكشاف 3/5، الفخر الرازي 22/146.