الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{لَا تَرۡكُضُواْ وَٱرۡجِعُوٓاْ إِلَىٰ مَآ أُتۡرِفۡتُمۡ فِيهِ وَمَسَٰكِنِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡـَٔلُونَ} (13)

فقيل لهم ، { لاَ تَرْكُضُواْ } والقول محذوف .

فإن قلت : من القائل ؟ قلت يحتمل أن يكون بعض الملائكة أو من ثم من المؤمنين أو يجعلوا خلقاء بأن يقال لهم ذلك وإن لم يقل . أو يقوله رب العزة ويسمعه ملائكته لينفعهم في دينهم . أو يلهمهم ذلك فيحدثوا به نفوسهم { وارجعوا إلى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ } من العيش الرافه والحال الناعمة . والإتراف : إبطار النعمة وهي الترفة { لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } تهكم بهم وتوبيخ ، أي : ارجعوا إلى نعيمكم ومساكنكم لعلكم تسئلون غداً عما جرى عليكم ونزل بأموالكم ومساكنكم ، فتجيبوا السائل عن علم ومشاهدة . أو ارجعوا واجلسوا كما كنتم في مجالسكم . وترتبوا في مراتبكم حتى يسألكم عبيدكم وحشمكم ومن تملكون أمره وينفذ فيه أمركم ونهيكم ويقول لكم : بم تأمرون ؟ وبماذا ترسمون ؟ وكيف نأتي ونذر كعادة المنعمين المخدَّمين ؟ أو يسألكم الناس في أنديتكم المعاون في نوازل الخطوب ، ويستشيرونكم في المهمات والعوارض ويستشفون بتدابيركم ، ويستضيئون بآرائكم أو يسألكم الوافدون عليكم والطماع ويستمطرون سحائب أكفكم ، ويمترون أخلاف معروفكم وأياديكم : إما لأنهم كانوا أسخياء ينفقون أموالهم رئاء الناس وطلب الثناء . أو كانوا بخلاء فقيل لهم ذلك تهكماً إلى تهكم ، وتوبيخاً إلى توبيخ .