فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{لَا تَرۡكُضُواْ وَٱرۡجِعُوٓاْ إِلَىٰ مَآ أُتۡرِفۡتُمۡ فِيهِ وَمَسَٰكِنِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تُسۡـَٔلُونَ} (13)

فقيل لهم : { لاَ تَرْكُضُوا } أي لا تهربوا . قيل : إن الملائكة نادتهم بذلك عند فرارهم . وقيل : إن القائل لهم ذلك هم من هنالك من المؤمنين استهزاء بهم وسخرية منهم { وارجعوا إلى مَا أُتْرِفْتُمْ فِيهِ } أي إلى نعمكم التي كانت سبب بطركم وكفركم ، والمترف المنعم ، يقال : أترف فلان ، أي وسع عليه في معاشه { ومساكنكم } أي وارجعوا إلى مساكنكم التي كنتم تسكنونها وتفتخرون بها { لَعَلَّكُمْ تُسْأَلُونَ } أي : تقصدون للسؤال والتشاور والتدبير في المهمات ، وهذا على طريقة التهكم بهم والتوبيخ لهم . وقيل : المعنى : لعلكم تسألون عما نزل بكم من العقوبة فتخبرون به ؛ وقيل : لعلكم تسألون أن تؤمنوا كما كنتم تسألون ذلك قبل نزول العذاب بكم . قال المفسرون وأهل الأخبار : إن المراد بهذه الآية : أهل حضور من اليمن ، وكان الله سبحانه قد بعث إليهم نبياً اسمه شعيب بن مهدم ، وقبره بجبل من جبال اليمن يقال له ضين ، وبينه وبين حضور نحو بريد ، قالوا : وليس هو شعيباً صاحب مدين . قلت : وآثار القبر بجبل ضين موجودة ، والعامة من أهل تلك الناحية يزعمون أنه قبر قدم بن قادم .

/خ25