{ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ ْ } أي : جحدوا الآيات القرآنية والآيات العيانية ، الدالة على وجوب الإيمان به ، وملائكته ، ورسله ، وكتبه ، واليوم الآخر .
{ فَحَبِطَتْ ْ } بسبب ذلك { أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا ْ } لأن الوزن فائدته ، مقابلة الحسنات بالسيئات ، والنظر في الراجح منها والمرجوح ، وهؤلاء لا حسنات لهم لعدم شرطها ، وهو الإيمان ، كما قال تعالى { وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا ْ } لكن تعد أعمالهم وتحصى ، ويقررون بها ، ويخزون بها على رءوس الأشهاد ، ثم يعذبون عليها ، ولهذا قال : { ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ ْ }
وقوله : { أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ } أي : جحدوا آيات الله في الدنيا ، وبراهينه التي أقام على وحدانيته ، وصدق رسله ، وكذبوا بالدار الآخرة ، { فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا } أي : لا نثقل موازينهم ؛ لأنها خالية عن الخير{[18559]} .
قال البخاري : حدثنا محمد بن عبد الله ، حدثنا سعيد بن أبي مريم ، أخبرنا المغيرة ، حدثني أبو الزَّنَاد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إنه ليأتي الرجل العظيم السمين{[18560]} يوم القيامة ، لا يزن عند الله جناح بعوضة " وقال : " اقرؤوا إن شئتم : { فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا } .
وعن يحيى بن بُكَيْر ، عن مغيرة بن عبد الرحمن ، عن أبي الزناد ، مثله{[18561]} .
هكذا ذكره عن يحيى بن بكير معلقا{[18562]} . وقد رواه مسلم عن أبي بكر محمد بن إسحاق ، عن يحيى بن بكير ، به{[18563]} .
وقال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا أبو الوليد ، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن صالح مولى التَّوْأمة ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يؤتى بالرجل الأكول الشروب العظيم ، فيوزن بحبة فلا يزنها " . قال : وقرأ : { فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا }
وكذا رواه ابن جرير ، عن أبي كريب ، عن أبي الصلت ، عن أبي الزناد ، عن صالح مولى التوأمة ، عن أبي هريرة ، رضي الله عنه ، مرفوعًا{[18564]} فذكره بلفظ البخاري سواء .
وقال أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزار : حدثنا العباس بن محمد ، حدثنا عون بن عُمَارة{[18565]} حدثنا هشام بن حسان ، عن واصل ، عن عبد الله بن بريدة ، عن أبيه قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأقبل رجل من قريش يخطر في حلة له . فلما قام على النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يا بريدة ، هذا ممن لا يقيم الله له يوم القيامة وزنًا " {[18566]} .
ثم قال : تفرّد به واصل مولى أبي عنبسة{[18567]} وعون{[18568]} بن عُمَارة{[18569]} وليس بالحافظ ، ولم يتابع عليه . وقد قال ابن جرير أيضًا : حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا عبد الرحمن ، حدثنا سفيان ، عن الأعمش ، عن شمر{[18570]} عن أبي يحيى ، عن كعب قال : يؤتى يوم القيامة برجل عظيم طويل ، فلا يزن عند الله جناح بعوضة ، اقرؤوا : { فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا }{[18571]} .
و «حبطت » معناه : بطلت ، و { أعمالهم } : يريد ما كان لهم من عمل خير ، وقوله { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً }{[1]} يحتمل أن يريد أنه لا حسنة لهم توزن في موازين القيامة ، ومن لا حسنة له فهو في النار لا محالة ، ويحتمل أن يريد المجاز والاستعارة ، كأنه قال فلا قدر لهم عندنا يومئذ ، فهذا معنى الآية عندي ، وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال «يؤتى بالأكول الشروب الطويل فلا يزن بعوضة » ثم يقرأ { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } .
وقرأ الجمهور «فحبِطت » بكسر الباء ، وقرأ ابن عباس وأبو السمال «فحبَطت » بفتح الباء ، وقرأ كعب بن عجرة{[2]} والحسن وأبو عمرو ونافع والناس «فلا نقيم لهم » بنون العظمة ، وقرأ مجاهد «فلا يقيم » ، بياء الغائب ، يريد فلا يقيم الله عز وجل ، وقرأ عبيد بن عمير : «فلا يقوم » ويلزمه أن يقرأ «وزن » ، وكذلك قول مجاهد «يقول لهم يوم القيامة » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.