تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَلَا تَضۡرِبُواْ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡثَالَۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (74)

ولهذا قال : { فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ } . ، المتضمنة للتسوية بينه وبين خلقه ، { إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ } ، فعلينا أن لا نقول عليه بلا علم ، وأن نسمع ما ضربه العليم من الأمثال .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{فَلَا تَضۡرِبُواْ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡثَالَۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (74)

أي : لا تجعلوا{[16592]} له أندادًا وأشباها{[16593]} وأمثالا ، { إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ } ، أي : أنه يعلم ، ويشهد أنه لا إله إلا الله{[16594]} ، وأنتم بجهلكم تشركون به غيره .


[16592]:في ت: "أي تجعلون"،
[16593]:في ف: "أشباحًا وأندادًا".
[16594]:في ف: "إلا هو".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَلَا تَضۡرِبُواْ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡثَالَۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (74)

{ فلا تضربوا لله الأمثال } ، فلا تجعلوا له مثلا تشركون به ، أو تقيسونه عليه ؛ فإن ضرب المثل تشبيه حال بحال . { إن الله يعلم } ؛ فساد ما تعولون عليه من القياس ، على أن عبادة عبيد الملك أدخل في التعظيم من عبادته وعظم جرمكم فيما تفعلون . { وأنتم لا تعلمون } ، ذلك ، ولو علمتموه لما جرأتم عليه ، فهو : عليم للنهي ، أو أنه يعلم كنه الأشياء ، وأنتم لا تعلمونه ، فدعوا رأيكم دون نصه ، ويجوز أن يراد : فلا تضربوا لله الأمثال ، فإنه يعلم كيف تضرب الأمثال ، وأنتم لا تعلمون .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَلَا تَضۡرِبُواْ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡثَالَۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (74)

تفريع على جميع ما سبق من الآيات والعبر والمنن ، إذ قد استقام من جميعها انفراد الله تعالى بالإلهية ، ونفي الشريك له فيما خلق وأنعم ، وبالأولى نفي أن يكون له ولد وأن يشبه بالحوادث ؛ فلا جرم استتبّ للمقام أن يفرع على ذلك زجر المشركين عن تمثيلهم غير الله بالله في شيء من ذلك ، وأن يمثّلوه بالموجودات .

وهذا جاء على طريقة قوله تعالى : { يا أيها الناس اعبدوا ربّكم الذي خلقكم } [ سورة البقرة : 21 ] إلى قوله تعالى : { فلا تجعلوا لله أنداداً وأنتم تعلمون } [ سورة البقرة : 22 ] ، وقوله : { وضرب لنا مثلاً ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم } [ سورة يس : 78 ] .

و { الأمثال } هنا جمع مَثَل بفتحتين بمعنى المماثل ، كقولهم : شبه بمعنى مشابه . وضرب الأمثال شاع استعماله في تشبيه حالة بحالة وهيئة بهيئة ، وهو هنا استعمال آخر .

ومعنى الضرب في قولهم : ضَرب كذا مثلاً ، بَيّنّاه عند قوله تعالى : { إن الله لا يستحيي أن يضرب مثلاً ما } في سورة البقرة ( 26 ) .

واللاّم في { لله } متعلقة ب { الأمثال } لا ب { تضربوا } ، إذ ليس المراد أنهم يضربون مَثَل الأصنام بالله ضرباً للناس كقوله تعالى : { ضرب لكم مثلاً من أنفسكم } [ سورة الروم : 28 ] .

ووجه كون الإشراك ضرب مثل لله أنهم أثبتوا للأصنام صفات الإلهية وشبّهوها بالخالق ، فإطلاق ضرب المثل عليه مثل قوله تعالى : { وقالوا أءالهتنا خير أم هو ما ضربوه لك إلا جدلاً } [ سورة الزخرف : 58 ] . وقد كانوا يقولون عن الأصنام هؤلاء شفعاؤنا عند الله ، والملائكة هنّ بنات الله من سروات الجِنّ ، فذلك ضرب مثل وتشبيه لله بالحوادث في التأثّر بشفاعة الأكفاء والأعيان والازدهاء بالبنين .

وجملة { إن الله يعلم } تعليل للنّهي عن تشبيه الله تعالى بالحوادث ، وتنبيه على أن جهلهم هو الذي أوقعهم في تلك السخافات من العقائد ، وأن الله إذ نهاهم وزجرهم عن أن يشبّهوه بما شبّهوه إنما نهاهم لعلمه ببطلان اعتقادهم .

وفي قوله تعالى : { وأنتم لا تعلمون } استدعاء لإعمال النّظر الصحيح ليصلوا إلى العلم البريء من الأوهام .