ولما دحض بهذه الحجة جميع ما أقاموه من الشبه ، وضربوه من الأمثال ، فيما ارتكبوه من قولهم : إن الملك لا يتوصل إليه إلا بأعوان ، من حاجب ونائب ونحو ذلك ، ولا يتوصل إليه إلا بأنواع القربان ، فعبدوا الأصنام ، وفعلوا لها ما يفعل له تشبيهاً به عز شأنه ، وتعالى سلطانه ؛ لأن الفرق : أن ملوك الدنيا المقيس عليهم ، إنما أقاموا مَن ذكر لحاجتهم وضعف مُلكهم ومِلكهم ، فحالهم مخالف لوصف من لا تأخذه سنة ولا نوم ، ولا يشغله شأن عن شأن ، وكل شيء في قبضته ، وتحت قهره وعظمته ، فلذلك تسبب عنها قوله تعالى : { فلا تضربوا لله } ، أي : الذي له الإحاطة الكاملة ، { الأمثال } ، أي : فتشبهوه تشبيهاً بغيره ، وإن ضرب لكم هو الأمثال ؛ قال أبو حيان وغيره : قال ابن عباس رضي الله عنهما : أي : لا تشبهوه بخلقه - انتهى . وهو - كما قال في الكشاف - : تمثيل للإشراك بالله والتشبيه به ؛ لأن من يضرب الأمثال ، مشبه حالاً بحال ، وقصة بقصة - انتهى . وهذا النهي عام في كل مثل ؛ لخطر الأمر ، خشية أن يكون ذلك المثل غير لائق بمقداره ، وقد تقرر أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح ، لا سيما في هذا ؛ لأن الخطأ فيه كفر ، ويدل على ذلك تعليل الحكم ، بقوله تعالى : { إن الله } ، أي : الذي له الأمر كله ولا أمر لغيره ، { يعلم } ، أي : له جميع صفة العلم ، فإذا ضرب مثلاً أتقنه بإحاطة علمه ، بحيث لا يقدر غيره أن يبدي فرقاً ما بين الممثل والممثل به في الأمر الممثل له ، { وأنتم لا تعلمون * } ، أي : ليس لكم علم أصلاً ، فلذلك تعمون عن الشمس ، وتلبّس عليكم ما ليس فيه لبس ، وهذا المقام عال ومسلكه وعر ، وسالكه على غاية من الخطر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.