فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{فَلَا تَضۡرِبُواْ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡثَالَۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (74)

ثم نهاهم سبحانه عن أن يشبهوه بخلقه ، فقال : { فَلاَ تَضْرِبُوا لِلَّهِ الأمثال } فإن ضارب المثل يشبه حالاً بحال وقصة بقصة . قال الزجاج : لا تجعلوا لله مثلاً لأنه واحد لا مثل له ، وكانوا يقولون : إن إله العالم أجلّ من أن يعبده الواحد منا ، فكانوا يتوسلون إلى الأصنام والكواكب ، كما أن أصاغر الناس يخدمون أكابر حضرة الملك ، وأولئك الأكابر يخدمون الملك فنهوا عن ذلك ، وعلل النهي بقوله : { إِنَّ الله } عليم { يَعْلَمْ } ما عليكم من العبادة { وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ما في عبادتها من سوء العاقبة ، والتعرّض لعذاب الله سبحانه ، أو أنتم لا تعلمون بشيء من ذلك ، وفعلكم هذا هو عن توهم فاسد وخاطر باطل وخيال مختلّ ، ويجوز أن يراد فلا تضربوا لله الأمثال إن الله يعلم كيف تضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون ذلك .

/خ74