البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{فَلَا تَضۡرِبُواْ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡثَالَۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (74)

ونهى تعالى عن ضرب الأمثال لله ، وضرب الأمثال تمثيلها والمعنى هنا : تمثيل للإشراك بالله والتشبيه به ، لأن من يضرب الأمثال مشبه حالاً بحال .

وقصة بقصة من قولهم : هذا ضرب لهذا أي : مثل ، والضرب النوع .

تقول : الحيوان على ضروب أي أنواع ، وهذا من ضرب واحد أي : من نوع واحد .

وقال ابن عباس : معناه لا تشبهوه بخلقه انتهى .

وقال : إن الله يعلم أثبت العلم لنفسه ، والمعنى : أنه يعلم ما تفعلون من عبادة غيره والإشراك به ، وعبر عن الجزاء بالعلم : وأنتم لا تعلمون كنه ما أقدمتم عليه ، ولا وبال عاقبته ، فعدم علمكم بذلك جركم وجرأكم وهو كالتعليل للنهي عن الإشراك .

قال الزمخشري : ويجوز أن يراد أنّ الله يعلم كيف يضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون انتهى .

وقاله ابن السائب قال : يعلم بضرب المثل ، وأنتم لا تعلمون ذلك .

وقال مقاتل : يعلم أنه ليس له شريك ، وأنتم لا تعلمون ذلك .

وقيل : يعلم خطأ ما تضربون من الأمثال ، وأنتم لا تعلمون صواب ذلك من خطئه .