فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَلَا تَضۡرِبُواْ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡثَالَۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ} (74)

{ فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ( 74 ) } .

ثم نهاهم سبحانه عن أن يشبهوه بخلقه ، فقال : { فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ } ، فإنه أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ، قاله قتادة ، فإن ضارب المثل يشبه حالا بحال ، وقصة بقصة .

قال الزجاج : لا تجعلوا لله مثلا ؛ فإنه واحد لا مثيل له ، وكانوا يقولون : إن إله العالم أجل من أن يعبده الواحد منا ، فكانوا يتوسلون إلى الأصنام والكواكب ، كما أن أصاغر الناس يخدمون أكابر حضرة الملك ، وأولئك الأكابر يخدمون الملك ، فنهوا عن ذلك ، وعلل النهي بقوله : { إِنَّ اللّهَ } علم ، { يَعْلَمُ } ما عليكم من العبادة ، { وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ } ما في عبادتها من سوء العاقبة ، والتعرض لعذاب الله سبحانه ، أو أنه تعالى يعلم كنه الأشياء وأنتم لا تعلمون ، فدعوا رأيكم دون نصه .

ويجوز أن يراد : فلا تضربوا لله الأمثال ، فإنه يعلم كيف تضرب الأمثال وأنتم لا تعلمون ، أو أنتم لا تعلمون بشيء من ذلك ، وفعلكم هذا هو عن توهم فاسد ، وخاطر باطل ، وخيال مختل .

وعن ابن عباس قال : يعني : اتخاذهم الأصنام ، يقول : لا تجعلوا معي إلها غيري ، فإنه لا إله غيري .