تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَقَدۡ بَلَغَنِيَ ٱلۡكِبَرُ وَٱمۡرَأَتِي عَاقِرٞۖ قَالَ كَذَٰلِكَ ٱللَّهُ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ} (40)

فقال زكريا من شدة فرحه { رب أنى يكون لي غلام وقد بلغني الكبر وامرأتي عاقر } وكل واحد من الأمرين مانع من وجود الولد ، فكيف وقد اجتمعا ، فأخبره الله تعالى أن هذا خارق للعادة ، فقال : { كذلك الله يفعل ما يشاء } فكما أنه تعالى قدر وجود الأولاد بالأسباب التي منها التناسل ، فإذا أراد أن يوجدهم من غير ما سبب فعل ، لأنه لا يستعصي عليه شيء .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَقَدۡ بَلَغَنِيَ ٱلۡكِبَرُ وَٱمۡرَأَتِي عَاقِرٞۖ قَالَ كَذَٰلِكَ ٱللَّهُ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ} (40)

{ قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ } أي الملَك : { كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ } أي : هكذا أمْرُ الله عظيم ، لا يعجزه شيء ولا يتعاظمه أمر .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَقَدۡ بَلَغَنِيَ ٱلۡكِبَرُ وَٱمۡرَأَتِي عَاقِرٞۖ قَالَ كَذَٰلِكَ ٱللَّهُ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ} (40)

{ قال رب أنى يكون لي غلام } استبعادا من حيث العادة ، أو استعظاما أو تعجيبا أو استفهاما عن كيفية حدوثه . { وقد بلغني الكبر } أدركني كبر السن وأثر في . وكان له تسع وتسعون ولامرأته ثمان وتسعون سنة . { وامرأتي عاقر } لا تلد ، من العقر وهو القطع لأنها ذات عقر من الأولاد .

{ قال كذلك الله يفعل ما يشاء } أي يفعل ما يشاء من العجائب مثل ذلك الفعل ، وهو إنشاء الولد من شيخ فان وعجوز عاقر ، أو كما أنت عليه وزوجك من الكبر والعقر يفعل ما يشاء من خلق الولد أو كذلك الله مبتدأ وخبر أي الله على مثل هذه الصفة ، ويفعل ما يشاء بيان له أو كذلك خبر مبتدأ محذوف أي الأمر كذلك ، والله يفعل ما يشاء بيان له .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَقَدۡ بَلَغَنِيَ ٱلۡكِبَرُ وَٱمۡرَأَتِي عَاقِرٞۖ قَالَ كَذَٰلِكَ ٱللَّهُ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ} (40)

قوله : { أنى يكون لي غلام } استفهام مراد منه التعجّب ، قَصَد منه تعرُّف إمكان الولد ، لأنّه لما سأل الولد فقد تهيّأ لحصول ذلك فلا يكون قوله أنّى يكون لي غلام إلاّ تطلباً لمعرفة كيفية ذلك على وجه يحقّق له البشارة ، وليس من الشك في صدق الوعد ، وهو كقول إبراهيم : { ليطمئنّ قلبي } [ البقرة : 260 ] ، فأجيب بأنّ الممكنات داخلة تحت قدرة الله تعالى وإنْ عز وقوعها في العادة .

و ( أنّى ) فيه بمعنى كيف ، أو بمعنى المكان ، لتعذّر عمل المكانين اللذين هما سبب التناسل وهما الكِبَر والعَقْرَة . وهذا التعجّب يستلزم الشكر على هذه المنّة فهو كناية عن الشكر . وفيه تعريض بأن يكون الولد من زوجه العاقر دون أن يؤمر بتزوّج امرأة أخرى وهذه كرامة لامرأة زكرياء .

وقوله : { وقد بلغني الكبر } جاء على طريق القلب ، وأصله وقد بلغتُ الكبرَ ، وفائدته إظهار تمكّن الكبر منه كأنَه يتطلبه حتى بلغه كقوله تعالى : { أينما تكونوا يدرككم الموت } ( النساء : 78 )

( والعاقر المرأة التي لا تلد عَقَرَت رحمَها أي قطعته . ولأنه وصف خاص بالأنثى لم يؤنّث كقولهم حائض ونافس ومُرضع ، ولكنه يؤنث في غير صيغة الفاعل فمنه قولهم عَقْرى دُعاء على المرأة ، وفي الحديث : « عَقْرَى حَلْقَى » وكذلك نُفَساء .

وقوله : { كذلك الله يفعل ما يشاء } أي كهذا الفعل العجيب وهو تقدير الحمل من شيخ هرِم لم يسبق له ولد وامرأةٍ عاقر كذلك ، ولعلّ هذا التكوين حصل بكون زكرياء كان قبل هرمه ذا قوة زائدة لا تستقرّ بسببها النطفة في الرحم فلما هرم اعتدلت تلك القوة فصارت كالمتعارف ، أو كان ذلك من أحوال في رحم امرأته ولذلك عبر عن هذا التكوين بجملة { يفعل ما يشاء } أي هو تكوين قدّره الله وأوجد أسبابه ومن أجل ذلك لم يقل هنا يخلق ما يشاء كما قاله في جانب تكوين عيسى .