الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَقَدۡ بَلَغَنِيَ ٱلۡكِبَرُ وَٱمۡرَأَتِي عَاقِرٞۖ قَالَ كَذَٰلِكَ ٱللَّهُ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ} (40)

قوله ( قَالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ ) أي : من أي وجه( {[9889]} ) وأنا كبير( {[9890]} ) ( وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ ) أي : بلغته ( وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ ) .

والعلة التي من أجلها سأل زكريا فقال( {[9891]} ) : ( أَنَّى يَكُونُ لِي غُلاَمٌ ) فإنه روي أنه لما سمع نداء الملائكة بالبشارة أتاه الشيطان فقال : إن الصوت الذي سمعت ليس من الله إنما هو من الشيطان ، فسأل عندما لبس عليه ليتثبت لا على طريق الإنكار بقدرة الله ولا لاعتراض لما يورد الله سبحانه وتعالى عن ذلك( {[9892]} ) .

وقال : لما سأل ( عن ذلك )( {[9893]} ) ليعلم هل من زوجته العاقر يكون ذلك ، أو من غيرها( {[9894]} ) ؟ . وقيل( {[9895]} ) : إنما سأل عن ذلك( {[9896]} ) عن طريق التواضع والإقرار فكأنه يقول : بأي منزلة أستوجب هذا عندك يا رب . . . !

وقيل : إنما سأل : هل يرزق ذلك وهو شيخ وامرأته عاقر ، أو يرد شاباً ، وامرأته كذلك سالمة من العقم ؟ أم يرزقان ذلك على حالتهما ؟ فأجابه الله فقال ( كَذَلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ) ، أي : يولد العاقر والشيخ فلا يتعذر عليه شيء أراده( {[9897]} ) .

وقيل : إنما سأل لأنه نسي دعاءه بأن يهب له غلاماً( {[9898]} ) ، وكان بين دعائه والبشارة بيحيى أربعين عاماً .


[9889]:- قال تعالى: أنى لك هذا (و) أنا يكون لي غلام ومعنى أنى من أين، انظر: مجاز القرآن 1/91، وتفسير الغريب: 104. واعتبر النحاس هذا تساؤلاً لأن أي سؤال عن المكان وأنى سؤال عن المذاهب والاتجاهات. انظر: إعراب النحاس 1/313-326-370.
[9890]:- ساقط من (أ) به (د).
[9891]:- (ج): سأل زكريا (صلى الله عليه وسلم) لله سبحانه.
[9892]:- انظر: جامع البيان 3/257.
[9893]:- ساقط من (د).
[9894]:- أو يسيرها، (ب) و(د) أو غيرها.
[9895]:- انظر: معاني الزجاج 1/408.
[9896]:- (ج): على.
[9897]:- انظر: جامع البيان 3/258.
[9898]:- (أ): غلام وهو خطأ.