الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَالَ رَبِّ أَنَّىٰ يَكُونُ لِي غُلَٰمٞ وَقَدۡ بَلَغَنِيَ ٱلۡكِبَرُ وَٱمۡرَأَتِي عَاقِرٞۖ قَالَ كَذَٰلِكَ ٱللَّهُ يَفۡعَلُ مَا يَشَآءُ} (40)

وقوله تعالى : { قَالَ رَبِّ أنى يَكُونُ لِي غلام وَقَدْ بَلَغَنِي الكبر } [ آل عمران :40 ] .

ذهب الطَّبَرِيُّ ، وغيره إِلي أنَّ زكريَّا لَمَّا رأى حال نَفْسه ، وحال امرأته ، وأنها ليستْ بحالِ نسلٍ ، سأل عن الوَجْه الذي به يكونُ الغلامُ ، أتبدلُ المرأةُ خِلْقَتَهَا أمْ كيْفَ يكُون ؟

قال ( ع ) : وهذا تأويلٌ حسن لائقٌ بزكريَّاء عليه السلام .

وَ{ أنى } : معناه كَيْفَ ؟ ومِنْ أَيْنَ ؟ وحسن في الآية { بَلَغَنِي الكبر } ، من حيثُ هي عبارةُ وَاهِنٍ منفعلٍ .

وقوله : { كذلك } ، أي : كهذه القُدْرةِ المستغْرَبَةِ قُدْرَةُ اللَّهِ ، ويحتمل أن تكون الإِشارة بذلك إلى حال زكريَّا ، وحالِ امرأتِهِ ، كأنه قال : رَبِّ ، على أيِّ وجه يكونُ لنا غلامٌ ، ونحن بحالِ كذا ؟ فقال له : كما أَنْتُمَا يكونُ لكُمَا الغلامُ ، والكلامُ تامٌّ ، على هذا التأويل في قوله : { كذلك } .

وقوله : { الله يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ } جملةٌ مبيّنة مقرِّرة في النفْسِ وقوعَ هذا الأمْر المستغْرَبِ .